للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: فأحمد رحمه الله تعالى قد قال: «إنه إذا حبسه على ثمنه كان غاصبًا إلا أن يشترط عليه الرهن»، وهذا يدل على أنه فرّق في ضمانه بين أن يحبسه بشرط أو يحبسه بغير شرط، وعندكم هو مضمون عليه في [١٤٦/أ] الحالين، وهو خلاف النص.

فالجواب: أن الإمام أحمد - رحمه الله - إنما جعله غاصبًا بالحبس، والغاصب عنده يضمن العين بقيمتها أو مثلها، ثم يستوفي الثمن أو بقيته من المشتري، وأما إذا تلِفَ قبل قبضه فهو من ضمان البائع، بمعنى أنه ينفسخ العقد فيه، ولا يملك مطالبة المشتري بالثمن، وإن كان قد قبضه منه أعاده إليه، فهذا الضمان شيء، وضمان الغاصب شيء آخر.

فإن قيل: فكيف يكون رهنًا وضمانُه على المرتهن؟

قيل: لم يضمنه المرتهن من حيث هو رهن، وإنما ضمِنَه من حيث كونه مبيعًا لم يتمكَّن مشتريه من قبضه، فحقُّ توفيتِه بعدُ على بائعه.

فإن قيل: فما تقولون لو حبس البائع السلعة لاستيفاء حقِّه منها، وهذا يكون في صور:

أحدها (١): أن يبيعه دارًا له فيها متاع لا يمكن نقله في وقت واحد.

والثانية: أن يستثني البائع الانتفاعَ بالمبيع مدة معلومة على أصلكم، أو نحو ذلك، فإذا تلِفتْ في يد البائع قبل تمكُّن المشتري من القبض في هاتين الصورتين هل تكون من ضمانه أو من ضمان البائع؟


(١) كذا في النسخ.