للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كلَّمتُ فلانًا فأنتِ طالقٌ إن شاء الله» (١) أو «أنتِ عليَّ حرام أو الحرام يلزمني إن شاء الله» نفعه الاستثناء، ولم يقع به طلاق في ذلك كله.

ثم اختلفا في الموضع الذي يُعتبر فيه الاستثناء، فاشترط أصحاب أبي حنيفة اتصالَه بالكلام فقط، سواء نواه من (٢) أوله أو قبل الفراغ من كلامه أو بعده.

وقال أصحاب الشافعي: إن عقَدَ اليمين ثم عنَّ له الاستثناء لم يصحّ، وإن عنَّ الاستثناء في أثناء اليمين فوجهان؛ أحدهما: يصح، والثاني لا يصح، وإن نوى الاستثناء مع عقد اليمين صحَّ وجهًا واحدًا.

وقد ثبت بالسنة الصحيحة أن سليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام قال: لأطوفنَّ الليلةَ على كذا وكذا امرأة، تحملُ كل امرأة منهن غلامًا يقاتل في سبيل الله، فقال له الملك الموكَّل به: قلْ إن شاء الله، فلم يقل، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «والذي نفسي بيده، لو قالها لقاتلوا في سبيل الله فُرسانًا أجمعون» (٣). وهذا صريح في نفع الاستثناء المقصود بعد عقد اليمين.

وثبت في «السنن» عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «والله لأغزونَّ قريشًا، والله لأغزونَّ قريشًا، والله لأغزونَّ قريشًا»، ثم سكت قليلًا ثم قال: «إن شاء الله». ثم لم يغزُهم. رواه أبو داود (٤).


(١) تكررت هذه الجملة في النسخ. ولعل «كلمت» الأولى بصيغة الخطاب والثانية بصيغة التكلم.
(٢) «أصحاب ... نواه من» ساقطة من ك.
(٣) رواه البخاري (٢٨١٩، ٦٦٣٩) ومسلم (١٦٥٤) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٤) برقم (٣٢٨٥، ٣٢٨٦). وتقدم تخريجه.