للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا القول في طرفٍ، وقول من يشترط نية الاستثناء في أول الكلام أو قبلَ الفراغ منه في طرف آخر، وبينهما أكثر من بُعْدِ المشرقين.

فلو قال: «أنت طالق إن لم يشأ الله، أو ما لم يشأ الله» فهل يقع الطلاق في الحال أو لا يقع؟ على قولين، وهما وجهان في مذهب أحمد:

فمن أوقعه احتجَّ بأن كلامه تضمَّن أمرين: محالًا وممكنًا، فالممكن التطليق (١)، والمحال وقوعه على هذه الصفة، وهو إذا لم يشأه الله، فإنه ما شاء الله وجب وقوعه، فيلغو هذا التقييد [١٥٤/ب] المستحيل، ويَسلَم أصل الطلاق فينفذ.

والوجه الثاني: لا يقع، ولهذا القول مأخذان:

أحدهما: أن تعليق الطلاق على الشرط المحال يمنع من وقوعه؛ كما لو قال: «أنت طالق إن جمعتِ بين الضدَّين» أو «إن (٢) شربتِ ماءَ الكُوز» ولا ماء فيه؛ لعدم وقوع شرطه، فهكذا إذا قال: «أنت طالق إن لم يشأ الله» فهو تعليق للطلاق على شرط مستحيل، وهو عدم مشيئة الله، فلو طلِّقت لطلِّقت بمشيئته، وشرطُ وقوعِ الطلاق عدمُ مشيئته.

والمأخذ الثاني ــ وهو أفقه ــ: أنه (٣) استثناء في المعنى، وتعليق على المشيئة، والمعنى إن لم يشأ الله عدم طلاقك؛ فهو كقوله «إلا أن يشاء الله» سواء كما تقدم بيانه.


(١) في النسخ: «النطق». والمثبت من المطبوعات.
(٢) «إن» ليست في ز.
(٣) ز: «من أنه».