للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسلم إن [١٥٥/أ] شاء الله» فإن ذلك لا يؤثّر في صحة إسلامه شيئًا، ولا يجعله إسلامًا معلَّقًا على شرط.

قالوا (١): ومن المعلوم قطعًا أن الله قد شاء تكلُّمه بالطلاق، فقوله بعد ذلك: «إن شاء الله» تحقيق لما قد عُلم قطعًا أن الله شاءه، فهو بمنزلة قوله: «إن كان الله أباح الطلاق أوأذِنَ فيه»، ولا فرقَ بينهما، وهذا بخلاف قوله: «أنت طالق إن كلَّمتِ فلانًا»، فإنه شرط في طلاقها ما يمكن وجوده وعدمه؛ فإذا وجد الشرط وقع ما علّق به، ووجود الشرط في مسألة المشيئة إنما يعلم بمباشرة العبد سببه؛ فإذا باشره عُلِم أن الله شاءه.

قالوا: وأيضًا فالكفارة أقوى من الاستثناء؛ لأنها ترفع حكم اليمين، والاستثناء يمنع عقدها، والرافع أقوى من المانع. وأيضًا فإنها تؤثِّر متصلة ومنفصلة، والاستثناء لا يؤثِّر مع الانفصال، ثم الكفارة مع قوتها لا تؤثِّر في الطلاق والعتاق؛ فأن لا يؤثِّر فيه الاستثناء أولى وأحرى.

قالوا: وأيضًا فقوله: «إن شاء الله» إن كان استثناءً فهو رافع لجملة المستثنى منه، فلا يرتفع، وإن كان شرطًا فإما أن يكون معناه: إن كان الله قد شاء طلاقك، أو إن شاء الله أن أُوقِع عليك في المستقبل طلاقًا غير هذا؛ فإن كان المراد هو الأول فقد شاء الله طلاقها بمشيئته لسببه، وإن كان المراد هو (٢) الثاني فلا سبيلَ للمكلَّف إلى العلم بمشيئته سبحانه، فقد علَّق الطلاق بمشيئة مَن لا سبيلَ إلى العلم بمشيئته؛ فيلغو التعليق، ويبقى أصل الطلاق فينفذ.


(١) «قالوا» ليست في ك.
(٢) «الأول ... المراد هو» ساقطة من ك.