وكذلك إذا حلف لا يأكل لفلان طعامًا، وكان سبب اليمين أنه يأكل الربا، ويأكل أموال الناس بالباطل؛ فتاب وخرج من المظالم وصار طعامه من كَسْب يده أو تجارة مباحة= لم يحنث بأكل طعامه، ويزول حكم منع اليمين كما يزول حكم منع الشارع.
وكذلك لو حلف لا بايعتُ فلانًا، وسبب يمينه كونه مفلسًا أو سفيهًا؛ فزال الإفلاس والسفه؛ فبايعه= لم يحنث.
وأضعاف أضعاف هذه المسائل، كما إذا اتِّهم بصحبة مُريب فحلف لا صاحبتُه، فزالت الريبة وخلَفَها ضدُّها فصاحبَه= لم يحنث. وكذلك لو حلف المريض لا يأكل لحمًا أو طعامًا، وسبب يمينه كونه يزيد في مرضه، فصحَّ وصار الطعام نافعًا له= لم يحنث بأكله.
وقد صرَّح الفقهاء بمسائل من هذا الجنس:
فمنها: لو حلف لوالٍ أن لا أفارقَ البلد إلا بإذنك، فعُزِل ففارق البلد بغير إذنه، لم يحنث.
ومنها: لو حلف على زوجته لا تخرجين من بيتي إلا بإذني، أو لعبده لا تخرُج إلا بإذني، ثم طلَّق الزوجة وعتق العبد، فخرجَا بغير إذنه، لم يحنث، ذكره أصحاب الإمام أحمد.
قال صاحب «المغني»(١): لأن قرينة الحال تنقلُ حكمَ الكلام إلى نفسها، وهو إنما يملك منْعَ الزوجة والعبد مع ولايته عليهما؛ فكأنه قال: ما دمتما في مِلْكي. ولأن السبب يدلُّ على النية في الخصوص كدلالته عليها