للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالمصحف أو بالقرآن أو بنذرٍ أخرجه مُخرجَ اليمين أو بأنه مخالف لدين الإسلام أو بطلاق أو بظهارٍ أو تحريمِ شيء من ماله. ثم ذكر صورًا أخرى، ثم قال: فاختلفوا في جميع هذه الأمور، أفيها كفارة أم لا؟ ثم قال: واختلفوا في اليمين بالطلاق، أهو طلاق فيلزم، أم هو يمين فلا يلزم؟ فقد حكى في كونه طلاقًا لازمًا أو يمينًا لا يلزم قولين، وحكى قبل ذلك هل فيه كفارة أم لا؟ على قولين، واختار هو أن لا يلزم، ولا كفارة فيه. وهذا اختيار شيخنا أبي محمد ابن تيمية أخي شيخ الإسلام.

قال شيخ الإسلام (١): والقول بأنه يمين مكفَّرة هو مقتضى المنقول عن الصحابة في الحلف بالعتق، بل بطريق الأولى؛ فإنهم إذا أفتوا من قال: «إن لم أفعلْ فكلُّ مملوكٍ لي حرٌّ» بأنه يمين تكفَّر، فالحالف بالطلاق أولى. قال: وقد علَّق القول به أبو ثور، فقال: إن لم تجمع الأمة على لزومه فهو يمين تكفَّر، وقد تبيَّن أن الأمة لم تُجمِع على لزومه.

وحكاه شيخ الإسلام عن جماعة من العلماء الذين سَمَتْ هِممُهم وشرُفت نفوسُهم فارتفعتْ عن حضيضِ التقليد المحض إلى أوج النظر والاستدلال، ولم يكن مع خصومه ما يردُّون به عليه أقوى من الشكاية إلى السلطان، فلم يكن له بردِّ هذه الحجة قِبَلٌ، وأما ما سواها فبيَّن فساد جميع حججهم، ونقضَها [١٧٢/أ] أبلغ نقْضٍ، وصنَّف في المسألة ما بين مطوَّلٍ


(١) لم أجد النص في كتبه المطبوعة، وسيأتي عند المؤلف أن شيخ الإسلام صنَّف في هذه المسألة ما بين مطول ومتوسط ومختصر ما يقارب ألفي ورقة. وآخر ما وُجِدَ ونُشِر من مؤلفاته: «الرد على السبكي في مسألة تعليق الطلاق» في مجلدين، وهو الجزء الثاني من الكتاب. وانظر منه (١/ ٧، ١٥٤).