للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهذا كلام الشافعي بنصّه، ونحن نشهد بالله أنه لم يرجع عنه، بل كلامه في الجديد مطابق لهذا موافق له كما تقدم ذكر لفظه. وقد قال في الجديد في قتل الراهب (١): إنه القياس عنده، ولكن تركَه (٢) لقول أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -. فقد أخبرنا أنه ترك القياس الذي هو دليل عنده لقول الصاحب، فكيف يترك موجب الدليل لغير دليل؟

وقال (٣): وفي الضلع بعير، قلته تقليدًا لعمر.

وقال في موضع آخر (٤): قلته تقليدًا لعثمان.

وقال في الفرائض (٥): هذا مذهب تلقَّيناه عن زيد.

ولا تستوحِشْ من لفظة «التقليد» في كلامه، وتظنَّ أنها تنفي كون قوله حجةً بناءً على ما تلقَّيتَه من اصطلاح المتأخرين أن التقليد قبول قول الغير بغير حجة، فهذا اصطلاح حادث، وقد صرَّح الشافعي في موضع من كلامه بتقليد خبر الواحد فقال (٦): قلت هذا تقليدًا للخبر.

وأئمة الإسلام كلهم على قبول قول الصحابي. قال نعيم بن حماد (٧):


(١) في كتاب «الأم» (٥/ ٥٨١).
(٢) كذا في النسخ. وفي المطبوع: «أتركه».
(٣) «الأم» (٨/ ٦٥١). وفيه: «وأنا أقول بقول عمر».
(٤) المصدر نفسه (٨/ ٢٢٥). وفيه: «ذهبنا إلى هذا تقليدًا».
(٥) المصدر نفسه (٥/ ١٧٤). وفيه: «هذا قول زيد بن ثابت، وعنه قبلنا أكثر الفرائض».
(٦) لم أجده في كتاب «الأم».
(٧) رواه من طريقه البيهقي في «المدخل» (١/ ٤٦)، وروى نحوه أبو حمزة السكري عن الإمام أبي حنيفة كما في «الانتقاء» لابن عبد البر (ص ١٤٤ - ١٤٥).