للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لكم» (١). وأيضًا فالثناء على من اتبعهم كلهم، وذلك اتباعهم فيما أجمعوا عليه. وأيضًا فالثناء على من اتبعهم لا يقتضي وجوبه، وإنما يدلُّ على جواز تقليدهم، وذلك دليل على جواز تقليد العالم كما هو مذهب طائفة من العلماء، أو تقليد الأعلم كقول طائفة أخرى. أما الدليل على وجوب اتباعهم فليس في الآية ما يقتضيه.

فالجواب من وجوه:

أحدها: أن الاتباع لا يستلزم الاجتهاد لوجوه، أحدها: أن الاتباع المأمور به في القرآن كقوله: {فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: ٣١]، {وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف: ١٥٨]، {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: ١١٥] ونحوه= لا يتوقَّف على الاستدلال على صحة القول مع الاستغناء عن القائل.

الثاني: أنه لو كان المراد اتباعهم في الاستدلال والاجتهاد لم يكن فرقٌ بين السابقين وبين جميع الخلائق؛ لأن اتباع موجب الدليل يجب أن يتبع فيه كل أحد، فمن قال قولًا بدليل صحيح وجب موافقته فيه.

الثالث: أنه إما أن تجوز مخالفتهم في قولهم بعد الاستدلال أو لا تجوز، [١٧٥/ب] فإن لم تجُزْ فهو المطلوب، وإن جازت مخالفتهم فقد خُولفوا في خصوص الحكم واتُّبِعوا في جنس (٢) الاستدلال، فليس جَعْل


(١) رواه البخاري (٣٠٠٧) ومسلم (٢٤٩٤) من حديث علي - رضي الله عنه -.
(٢) ك: «حسن». المطبوع: «أحسن». كلاهما تحريف. والمثبت موافق لما في «تنبيه الرجل».