للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والخطأ منكر من بعض الوجوه، ولولا ذلك لما صح التمسك بهذه الآية على كون الإجماع حجة، وإذا كان هذا باطلًا عُلِمَ أن خطأ من تكلَّم (١) منهم في العلم إذا لم يخالفه غيره ممتنع، وذلك يقتضي أن قوله حجة.

الوجه الثامن: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: ١١٩]، قال غير واحد من السلف: هم أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - (٢). ولا ريبَ أنهم أئمة الصادقين، وكل صادقٍ بعدهم فبهم يأتمُّ في صدقه، بل حقيقة صدقه اتباعه لهم وكونه معهم، ومعلوم أن من خالفهم [١٧٨/أ] في شيء وإن وافقهم في غيره لم يكن معهم فيما خالفهم فيه، وحينئذٍ فيصدق عليه أنه ليس معهم، فتنتفي عنه المعية المطلقة، وإن ثبت له قِسطٌ من المعية فيما وافقهم فيه، فلا يَصدُق عليه أنه معهم بهذا القسط.

وهذا كما نفى الله ورسوله الإيمان المطلق عن الزاني والشارب والسارق والمنتهب بحيث لا يستحقُّ اسمَ المؤمن، وإن لم ينتفِ عنه مطلقُ الاسم الذي يستحقُّ لأجله أن يقال: معه شيء من إيمان. وهذا كما أن اسم الفقيه والعالم عند الإطلاق لا يقال لمن معه مسألة أو مسألتان من فقهٍ وعلمٍ، وإن قيل: معه شيء من العلم.

ففرقٌ بين المعية المطلقة ومطلق المعية، ومعلوم أن المأمور به الأول لا الثاني، فإن الله سبحانه لم يُرِد منّا أن نكون معهم في شيء من الأشياء، وأن


(١) في النسخ: «يعلم». والتصويب من «التنبيه».
(٢) انظر: «تفسير الطبري» (١٢/ ٦٧، ٦٨) وابن أبي حاتم (٦/ ١٩٠٦) و «الدر المنثور» (٧/ ٥٨١).