للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلا يجوز اشتراط تعطيله وتركه (١)، إذ يصير مضمونُ هذا الشرط أنه لا يستحقُّ تناولَ الوقف إلا من عطَّل ما فرض الله عليه وخالَف سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومَن فعَلَ ما فرضه الله عليه وقام بالسنَّة لم يحِلَّ له أن يتناول من هذا الوقف شيئًا؛ ولا يخفى ما في التزام هذا الشرط والإلزام به من مضادَّة الله ورسوله. وهو أقبح من اشتراطه تركَ الوتر والسنن الراتبة، وصيام الاثنين والخميس، والتطوع بالليل؛ بل أقبح من اشتراطه تركَ ذكرِ الله بكرةً وعشيًّا ونحو ذلك.

ومن هذا (٢): اشتراطه أن يصلّي الصلوات في التربة المدفون بها ويدَعَ المسجد. وهذا (٣) مضادٌّ لدين الإسلام أعظمَ مضادَّة، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعن المتّخذين قبور أنبيائهم مساجد (٤). فالصلاة في المقبرة معصية لله ورسوله، باطلة عند كثير من أهل العلم، لا يقبلها الله ولا تُبرئ الذمة (٥)؛ فكيف يجوز التزامُ شرط الواقف لها، وتعطيلُ شرط الله ورسوله؟ فهكذا يُغيَّر (٦) الدين لولا أن الله سبحانه يقيم له من يبيِّن أعلامه، ويدعو إليه.

ومن ذلك: اشتراط إيقاد سراج أو قنديل على القبر. فلا يحِلُّ للواقف


(١) في النسخ المطبوعة: «أو تركه».
(٢) في المطبوع: «ذلك».
(٣) في النسخ المطبوعة بعده زيادة: «أيضًا».
(٤) رواه البخاري (٤٣٥) ومسلم (٥٣١) من حديث عائشة وعبد الله بن عباس.
(٥) في النسخ المطبوعة: «ولا تبرأ الذمة بفعلها»، ولعلّ الخطأ في قراءة الفعل أدّت إلى زيادة «بفعلها».
(٦) ك: «فهذا يغير» وكذا في المطبوع. وفي الطبعات السابقة: «فهذا تغيير».