للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد قبل ابن الزبير شهادةَ الصبيان بعضهم على بعض في تجارُحهم (١)، ولم ينكره عليه أحد من الصحابة. وقال به مالك والإمام أحمد في إحدى الروايتين عنه حيث يغلب على الظن صدقُهم بأن يجيؤوا (٢) قبل أن يُخَبَّبُوا (٣) أو يتفرَّقوا إلى بيوتهم. وهذا هو الصواب (٤)، وبالله التوفيق.

وكلام أصحاب أحمد في ذلك يخرَّج على وجهين. فقد منع كثيرٌ منهم الفتوى والحكم بالتقليد، وجوَّزه بعضهم لكن على وجه الحكاية لقول المجتهد، كما قال أبو إسحاق بن شَاقْلا ــ وقد جلس في جامع المنصور فذكر قول أحمد: إن المفتي ينبغي له أن يحفظ أربعمائة ألف حديث، ثم يفتي ــ: فقال لي رجلٌ: فأنت تحفظ هذا؟ قلت (٥): إن لم أحفظ هذا، فأنا أفتي بقول من كان يحفظه (٦). وقال أبو الحسن بن بشار من كبار أصحابنا:


(١) رواه مالك (٢/ ٧٢٦)، وعبد الرزاق (١٤٤٩٤، ١٤٤٩٥)، وابن أبي شيبة (٢١٤٣٣) من طريقين عن ابن الزبير، وإسناده صحيح، صححه ابن عبد البر في «الاستذكار» (٢٢/ ٧٨).
(٢) في النسخ المطبوعة: «يجيبوا». ورسمها في (ز، ك) بنبرة واحدة بعد الجيم.
(٣) ز: «يختبوا». وفي ك: «يحيبوا» دون نقط الباء. وفي ب: «يجيئوا». وفي النسخ المطبوعة: «يجتنبوا»، وكلُّ ذلك تصحيف ما أثبت. انظر: «المدونة» (٤/ ٢٦) و «الاستذكار» (٧/ ١٢٤). وخبَّبَه: خدعه وأفسده.
(٤) وانظر: «الطرق الحكمية» (١/ ٤٥٤) و «بدائع الفوائد» (٤/ ١٣١٩).
(٥) السياق في النسخ المطبوعة: «فقال له الرجل: أنت تحفظ هذا؟ فقال». وأخشى أن يكون من تصرف بعض الناشرين.
(٦) تقدم قول ابن شاقلا في أول الكتاب.