للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عاص. ومن أقرَّه من ولاة الأمور على ذلك فهو آثم أيضًا.

قال أبو الفرج بن الجوزي (١): ويلزم وليَّ الأمر منعُهم كما فعل بنو أمية. وهؤلاء بمنزلة من يدلُّ الركبَ وليس له علم بالطريق، وبمنزلة الأعمى الذي يرشد الناس إلى القبلة، وبمنزلة من لا معرفة له بالطب وهو يطُبّ الناس؛ بل هو أسوأ حالًا من هؤلاء كلِّهم. وإذا تعيَّن على ولي الأمر منعُ من لم يحسن التطبُّب من مداواة المرضى (٢)، فكيف بمن لم يعرف الكتاب والسنة، ولم يتفقه في الدين؟

وكان شيخنا - رضي الله عنه - شديد الإنكار على هؤلاء. فسمعته يقول: قال لي بعض هؤلاء: أجُعِلتَ محتسبًا على الفتوى؟ فقلتُ له: يكون على الخبازين والطباخين محتسب، ولا يكون على الفتوى محتسب؟

وقد روى الإمام أحمد وابن ماجه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرفوعًا: «من أُفتيَ بغير علم كان إثم ذلك على الذي أفتاه» (٣).

وفي «الصحيحين» (٤) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من صدور الرجال، ولكن يقبض العلمَ بقبض العلماء. فإذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساءَ جُهَّالًا؛ فسئلوا، فأفتَوا بغير علم، فضلُّوا وأضلُّوا».


(١) في «تعظيم الفتيا» فيما يظهر، ولكن في نسختيه اللتين طبع عنهما سقطًا.
(٢) في النسخ الخطية: «المرض»، والمثبت من المطبوعة.
(٣) تقدَّم تخريجه.
(٤) تقدَّم في أول الكتاب.