للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أبو عمر بن عبد البر (١): "هذا هو القياس على غير أصل، والكلام في الدين بالخرص والظن. ألا ترى إلى قوله في الحديث: "يُحِلُّون الحرام ويُحرِّمون الحلال ومعلوم أنَّ الحلال: ما في كتاب الله وسنة رسوله تحليلُه، والحرام: ما في كتاب الله وسنة رسوله تحريمُه. فمَن جهِل ذلك، وقال فيما سئل عنه بغير علم، وقاس برأيه ما خرج به (٢) عن السنة= فهذا هو الذي قاس الأمورَ برأيه، فضلَّ وأضلَّ. ومَن ردَّ الفروع إلى أصولها فلم يقُل برأيه".

وقالت طائفة من أهل العلم (٣): من أدَّاه اجتهاده إلى رأي رآه، ولم يقُم عليه حجة فيه بعدُ (٤) فليس مذمومًا، بل هو معذور، خالفًا كان أو سالفًا. ومن قامت عليه الحجة، فعاند، وتمادى [٢٩/أ] على الفتيا برأي إنسان بعينه= فهو الذي يلحقه الوعيد.

وقد رُوِّينا في "مسند عبد بن حميد": ثنا عبد الرزاق، ثنا سفيان الثوري،


(١) في "جامع بيان العلم" (٢/ ١٠٣٩) بعد إيراد الحديث السابق.
(٢) "به" من ع. وفي غيرها: "منه"، ولعله تصحيف "فيه". والذي في "جامع بيان العلم": "وقاس برأيه حرَّم ما أحلَّ الله بجهله، وأحلَّ ما حرَّم الله من حيث لم يعلم". فهل هكذا كان في نسخة الكتاب التي نقل منها المصنف أو تصرَّف في كلام ابن عبد البر؟
(٣) وهو قول ابن حزم، نقله بنصِّه بتصرف يسير في آخره. انظر: "الصادع" (ص ٥٨٣).
(٤) "بعد" لم يرد في ح، وقد أضافه بعضهم فوق السطر.