للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للحاكم أن يلزمه بالخالصة. فلو كان في بلد إنما يعرفون الخالصة لم يجُز له أن يُلزم المستحقَّ بالمغشوشة.

وكذلك في ألفاظ الطلاق والعتاق. فلو جرى عرفُ أهل بلد أو طائفة في استعمالهم لفظ «الحرية» في العفة دون العتق، فإذا قال أحدهم عن مملوكه: «إنه حرٌّ» أو عن جاريته: «إنها حرَّة»، وعادتُه استعمال ذلك [٢٠٩/ب] في العفة، لم يخطر بباله غيرُها= لم يعتِق بذلك قطعًا، وإن كان اللفظ صريحًا عند مَن ألِفَ استعماله في العتق.

وكذلك إذا جرى عرفُ طائفة في الطلاق بلفظ التسميح بحيث لا يعرفون لهذا المعنى غيره، فإذا قالت: «اسمح لي»، فقال: «سمحتُ لك»، فهذا صريح في الطلاق عندهم. وقد تقدَّم الكلام في هذا الفصل مشبعًا، وأنه لا يسوغ أن يُقبَل تفسيرُ من قال: «لفلان عليَّ مال جليل أو عظيم» بدانق أو درهم ونحو ذلك، ولا سيما إن كان المفسِّر من الأغنياء المكثرين أو الملوك (١).

وكذلك لو أوصى له بقوس في محلَّة لا يعرفون إلا أقواس النَّدْف (٢) أو الأقواس العربية أو أقواس الرِّجل (٣)، أو حلف لا يشَمُّ الريحان في محلٍّ لا يعرفون الريحان إلا هذا الفارسي، أو حلف لا يركب دابة في موضعٍ عرفُهم بلفظ الدابة الحمار أو الفرس، أو حلف لا يأكل ثمرًا في بلدٍ عرفهُم في


(١) انظر ما سبق في «المثال الثامن مما تتغير به الفتوى لتغير العرف والعادة».
(٢) في النسخ المطبوعة: «البندق». وقوس الندف غير قوس البندق. انظر: «المغني» (٨/ ٥٧٠).
(٣) انظر وصفها في «الفروسية المحمدية» (ص ٣٨٠ - ٣٨١).