للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أيضًا (١): كلُّ ما لم يحتمل التأويل في نفسه، وتواتَر نقلُه ولم يُتصوَّر أن يقوم على خلافه برهانٌ= فمخالفته تكذيب محض. وما تطرَّق إليه احتمالُ تأويل ولو بمجاز بعيد، فإن كان برهانه قاطعًا وجب القول به. وإن كان البرهان يفيد ظنًّا غالبًا ولا يعظُم ضررُه في الدين فهو بدعة. وإن عظم ضررُه في الدين فهو كفر.

قال (٢): ولم تجر عادة السلف بالدعوة بهذه المجادلات، بل شدَّدوا القول على من يخوض في الكلام، ويشتغل بالبحث (٣) والسؤال.

وقال أيضًا (٤): الإيمان المستفاد من الكلام ضعيف، والإيمان الراسخ إيمانُ العوامِّ الحاصلُ في قلوبهم في الصِّبا بتواتر السماع، وبعد البلوغ بقرائن يتعذَّر التعبيرُ عنها.

قال (٥): وقال شيخنا أبو المعالي: يحرص الإمامُ ما أمكنه على جمع عامَّة الخلق على سلوك سبيل السلف في ذلك. انتهى.

وقد اتفقت الأئمة الأربعة على ذمِّ الكلام وأهله. وكلام الإمام الشافعي ومذهبه فيهم معروف عند جميع أصحابه، وهو أنهم يُضرَبون ويُطاف بهم في قبائلهم وعشائرهم: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأقبل على


(١) في (ص ٢٦٦).
(٢) في (ص ٢٧٠).
(٣) ز: «في البحث».
(٤) في (ص ٢٧٠).
(٥) لم أجده في الكتاب المطبوع ضمن مجموعة الرسائل.