للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسأله معاوية بن الحكم السُّلَمي، فقال: كانت لي جارية ترعى غنمًا لي قِبلَ أُحُد والجوَّانية (١)، فاطلعتُ ذات يوم، فإذا الذئب قد ذهب بشاة من غنمها. وأنا رجلٌ من بني آدم آسَفُ كما يأسفون، فصككتُها صَكَّةً. فعظَّم (٢) عليَّ ذاك رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -[٢٤١/ب]، فقلت: أفلا أُعتِقها؟ فقال: «ائتني بها». فقال لها: «أين الله؟». قالت: في السماء. قال: «من أنا؟». قالت: أنت رسول الله. قال: «أَعتِقْها فإنها مؤمنة» (٣).

قال الشافعي: فلما وصفت الإيمان وأن ربها تبارك وتعالى في السماء، قال: «أَعتِقْها فإنها مؤمنة»، فقد سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أين الله» (٤).

وسأل - صلى الله عليه وسلم -: «أين الله؟» فأجاب من سأله بأن الله في السماء، فرضي جوابه، وعلم به أنه حقيقة الإيمان لربِّه. وأجاب هو - صلى الله عليه وسلم - من سأله: أين الله؟ ولم ينكر هذا السؤال عليه. وعند الجَهْمي أن السؤال بأين الله كالسؤال بما لونه؟ وما طعمه؟ وما جنسه؟ وما أصله؟ ونحو ذلك من الأسئلة المحالة الباطلة.

وسألته - صلى الله عليه وسلم - ميمونةُ أمُّ المؤمنين، فقالت: أشَعَرْتَ أني أعتقتُ وليدتي؟


(١) في المطبوع: «نجد الجوانية». وفي الطبعات القديمة: «نجد والجوابية». والصواب ما أثبت من (ز، ك) وكذا في «صحيح مسلم» وغيره من كتب الحديث. والجوانية: موضع في شمالي المدينة بقرب أحد. انظر: شرح النووي (٥/ ٢٣).
(٢) كذا في ز مع ضبط «فعظَّم»، وهو صحيح. وفي ك، ب: «فعظم ذلك على» وكذا في النسخ المطبوعة.
(٣) تقدم الحديث مختصرًا مع تعليق الشافعي عليه.
(٤) تقدَّم قول الشافعي (٣/ ٢٠٨). وقد نقله المؤلف في «زاد المعاد» (٥/ ٣٠٨) و «الصواعق المرسلة» (٤/ ١٣٠١) أيضًا.