للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلتُ: وأصل هذا في الترمذي (١) مرفوعًا: "اتقوا فراسةَ المؤمن، فإنه ينظر بنور الله"، ثم قرأ {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} [الحجر: ٧٥].

وقال أبو عمر (٢): ثنا عبد الوارث بن سفيان، ثنا قاسم بن أصبَغ، ثنا محمد بن عبد السلام الخُشَني، ثنا إبراهيم بن أبي الفيّاض البَرْقي الشيخ الصالح، ثنا سليمان بن بَزِيع الإسكندراني، ثنا مالك بن أنس، عن يحيى بن


(١) في "الجامع" (٣١٢٧) من حديث مصعب بن سلام، عن عمرو بن قيس، عن عطية، عن أبي سعيد مرفوعا، وقال: هذا حديثٌ غريبٌ اهـ. وعطية شيعي ضعيف مدلّس، لكن الآفة من مصعب بن سلام، وهو ضعيف واهٍ، يقلب الحديث، وقد خلّط في هذا الحديث، ولا عبرة بمن تابعه من الضعفاء على روايته من هذا الوجه؛ فإن المحفوظ ما رواه العقيلي في "الضعفاء" (٥/ ٣٧٦) من طريق ابن وهب، عن سفيان، عن عمرو بن قيس الملائي قال: كان يُقال: اتقوا فراسة المؤمن ... قال العقيلي: وهذا أولى اهـ. وجزم الخطيب أيضًا أنه الصواب، وليُنظر ما دبّجه يراعُه في "التاريخ" (٤/ ٣١٣). وبالغ ابن الجوزي؛ فساقَه في "الموضوعات"، والصحيح أنه منكر ــ على كثرة طرقه ــ، لكنه لا يبلغ حدّ الوضع.
(٢) في "جامع بيان العلم" (١٦١١، ١٦١٢) وعنه ابن حزم في "الإحكام" (٦/ ٢٧). وأخرجه الدارقطني في "غرائب مالك"، والخطيب في "الرواة عن مالك"، وفي "الفقيه والمتفقه" (١/ ٤٧٦، ٢/ ٣٩١)؛ من طرق عن ابن أبي الفياض به، وضعّفوه كلّهم. ويحسن النظر في "جامع بيان العلم" (١٦١٢)، و"لسان الميزان" لابن حجر (٤/ ١٣٣)، و"سلسلة الأحاديث الضعيفة" للألباني (٤٨٥٤). ولا ريب في نكارته وغرابته الشديدة من طريق مالك. أما الرواية التي صحّحها السيوطي في "الجامع الكبير" مما خرّجه الطبراني في "الأوسط" (١٦١٨) من طريق الوليد بن صالح، عن محمد ابن الحنفية، عن أبيه علي - رضي الله عنه -؛ فلا تصح البتة، بل هي منكرةٌ، تفرّد بها الوليد هذا، وهو مجهول.