للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه (١).

وقد استدل به من يرى أن التعزير ليس بواجب، وأن للإمام إسقاطه. ولا دليل فيه، فتأمله.

وخرجت امرأة تريد الصلاة، فتجلَّلَها رجل، فقضى حاجته منها، فصاحت وفرَّ. ومرَّ عليها غيرُه، فأخذوه، فظنت أنه هو، وقالت: هذا الذي فعل بي. فأتوا به النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فأمَر برجمه. فقام صاحبها الذي وقع عليها، فقال: أنا صاحبها. فقال لها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: اذهبي، فقد غفر الله لك. وقال للرجل قولًا حسنًا. فقالوا: ألا ترجُم صاحبها؟ فقال: «لا، لقد تاب توبةً لو تابها أهلُ المدينة لَقُبِل منهم». ذكره أحمد وأهل السنن كلهم (٢). ولا فتوى ولا حكم أحسن من هذا.

فإن قيل: كيف أمر (٣) برجم البريء؟ قيل: لو أنكر لم يرجمه، ولكن لما أُخِذَ، وقالت: هو هذا، ولم ينكِر، ولم يحتجَّ عن نفسه، فاتفق مجيءُ القوم به في صورة المريب، وقولُ المرأة: هذا هو، وسكوتُه سكوتَ المريب. وهذه


(١) البخاري (٤٦٨٧) ومسلم (٢٧٦٣) من حديث ابن مسعود.
(٢) رواه أحمد (٢٧٢٤٠) من حديث وائل بن حجر الحضرمي، وإسناده صحيح. وعند البيهقي (٨/ ٢٨٤) من طريق أسباط بن نصر ــ وفيه لين ــ بذكر العفو وعدم الرجم. ورواه أبو داود (٤٣٧٩) والترمذي (١٤٥٤) ــ من طريق محمد بن يوسف الفريابي، وهو ثقة ــ بذكر الرجم. قال الذهبي في «المهذب» (٧/ ٣٤٢٣) عن طريق عدم الرجم: منكر. وقال المؤلف في «الطرق الحكمية» (٥٣): إسناده على شرط مسلم، وقع في متنه اضطراب. وصحح الترمذي رواية الرجم، وهو يوافق الروايات الأخر.
(٣) في المطبوع: «أمرهم».