للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما يكرهونه مما سألوا عنه، وإما في أحكام التكليف، فإنه يسوءهم أن يبدو لهم ما يشقُّ عليهم تكليفُه مما سألوا عنه.

وقوله تعالى: {وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ} فيه قولان:

أحدهما: أن القرآن إذا نزل بها ابتداءً بغير سؤال، فسألتم عن تفصيلها وعلمِها أبدى لكم وبيَّن لكم. والمراد بحين النزول زمنه المتصل به، لا الوقت المقارن (١) للنزول. وكأنَّ في هذا إذنًا (٢) لهم في السؤال عن تفصيل المنزَّل ومعرفته بعد إنزاله، ففيه رفعٌ لتوهم المنع من السؤال عن تلك (٣) الأشياء مطلقًا.

والقول الثاني: أنه من باب التهديد والتحذير، أي إن سألتم عنها في وقت نزول الوحي جاءكم بيانُ ما سألتم عنه ولا بُدَّ، وبدا لكم ما يسوءكم، لأنه وقتُ وحي، فاحذروا أن يوحي الله إلى رسوله في بيان ما سألتم عنه ما يسوءكم. والمعنى لا تتعرَّضوا للسؤال عما يسوءكم بيانُه، وإن تعرَّضتم له في زمن الوحي أُبديَ لكم.

وقوله: {عَفَا اللَّهُ عَنْهَا} أي عن بيانها خبرًا وأمرًا، بل طَوَى بيانهَا عنكم رحمةً ومغفرةً وحلمًا، والله غفور حليم. فعلى القول الأول، عفا الله عن التكليف بها توسعةً عليكم. وعلى القول الثاني، عفا الله عن بيانها لئلا يسوءكم بيانها.


(١) في هامش ح بخط بعض القراء: "المقدر" وفوقه "صح". وفي هامش ف أشير إلى أن في نسخة: "المقدر".
(٢) ت، ع: "إذن".
(٣) "تلك" ساقط من ع والنسخ المطبوعة.