للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما اختلفوا إلى ابن مسعود شهرًا في المفوِّضة قال: أقول فيها برأيي، فإن يكن صوابًا فمن الله، وإن يكن خطأً فمنِّي ومن الشيطان، والله ورسوله بريء منه. أرى أنَّ لها مهرَ نسائها، لا وَكْس ولا شَطَط، ولها الميراث، وعليها العِدَّة. فقام ناسٌ من أشجَع فقالوا: نشهد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى في امرأةٍ منَّا يقال لها: بَرْوَع بنت واشِق بمثل ما قضيتَ به. فما فرح ابنُ مسعود بشيء بعد الإسلام فَرَحَه بذلك (١).

وحقيقٌ بمن كانت آراؤهم بهذه المنزلة أن يكون رأيهم لنا خيرًا من رأينا لأنفسنا، وكيف لا؟ وهو الرأي الصادر من قلوب ممتلئة نورًا وإيمانًا وحكمةً، وعلمًا ومعرفةً، وفهمًا عن الله ورسوله ونصيحةً للأمة. وقلوبُهم على قلب نبيِّهم، ولا واسطة بينهم وبينه، وهم يتلقَّون (٢) العلم والإيمان من مشكاة النبوة غضًّا طريًّا لم يَشُبْه (٣) إشكال، ولم يَشِنْه (٤) اختلاف (٥)، ولم تُدَنِّسه معارضة. فقياسُ رأي غيرهم بآرائهم من أفسد القياس.


(١) رواه النسائي في "السنن الكبرى" (٥٤٩٤)، و"المجتبى" (٣٣٥٨)، وفي سنده اختلاف على الشعبي، سرده النسائي في "السنن الكبرى" (٥٤٩٢ - ٥٤٩٨)، لكن الحديث صحيح، صححه غير واحد من الحفاظ، كما تقدّم.
(٢) ع: "ينقلون"، تصحيف. وكذا في النسخ المطبوعة.
(٣) ت: "يشنه".
(٤) لم تعجم الكلمة في ع. وفي ف والنسخ المطبوعة: "يشبه" كالسابق.
(٥) في النسخ المطبوعة: "خلاف".