للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: فكيف (١) يجتمع هذا مع ما صحَّ عنه من قوله: "أيُّ سماءٍ تُظِلُّني؟ وأيُّ أرضٍ تُقِلُّني إن قلتُ في كتاب الله برأيي" (٢)؟ وكيف يُجامع هذا الحديثَ المشهورَ الذي تقدَّم (٣): "من قال في القرآن برأيه فليتبوَّأْ مقعدَه من النار"؟

فالجواب: أن الرأي نوعان:

أحدهما: رأي مجرَّد لا دليل عليه، بل هو خَرْص وتخمين، فهذا الذي أعاذ الله الصِّدِّيقَ والصحابةَ منه.

والثاني: رأي مستند إلى استدلال واستنباط من النصِّ وحده أو من نصٍّ آخر معه. فهذا من ألطفِ فهمِ النصوص وأدِّقه.

ومنه رأيه في الكلالة [٤٦/أ] أنها ما عدا الوالد والولد، فإن الله سبحانه ذكر الكلالة في موضعين من القرآن. ففي أحد الموضعين (٤) ورَّث معها الأخَ والأختَ من الأم، ولا ريب أن هذه الكلالة ما عدا الوالد والولد. والموضع الثاني (٥) ورَّث معها ولدَ الأبوين والأبَ النصف والثلثين.


(١) في ع والنسخ المطبوعة: "وكيف".
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) "الذي تقدم" ساقط من ح، ف. و"المشهور" ساقط من ع والنسخ المطبوعة.
(٤) وهو قوله تعالى في سورة النساء (١٢): {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ}.
(٥) في سورة النساء أيضًا (١٧٦): {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}.