للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن يأخذ الشطر ويضع (١) الشطر (٢)، وكذلك لما عزم على طلاق سَودة رضيَتْ بأن تهَبَ له ليلتها (٣)، وتبقى على حقِّها من النفقة والكسوة. فهذا أعدل الصلح، فإن الله سبحانه أباح للرجل أن يطلِّق زوجته ويستبدل بها غيرها، فإذا رضيت بتركِ بعضِ حقِّها وأخذِ بعضه وأن يمسكها كان هذا من الصلح العادل. وكذلك أرشد الخصمين اللذين دَرَسَتْ (٤) بينهما المواريثُ (٥) بأن يتوخَّيا الحقَّ بحسب الإمكان، ثم يحلِّل كلٌّ منهما صاحبَه (٦).

وقد أمر الله سبحانه (٧) بالإصلاح بين الطائفتين المقتتلتين أولًا، فإن بغت إحداهما على الأخرى فحينئذ أَمرَ بقتال الباغية لا بالصلح، فإنها ظالمة؛ ففي الإصلاح مع ظلمها هضمٌ لِحقِّ الطائفة المظلومة.


(١) ع: "ويدع"، وكأنه تحريف سماعي. وكذا في النسخ المطبوعة.
(٢) سبق تخريجه آنفًا.
(٣) رواه ابن سعد في "الطبقات" (١٠/ ٥٤) من حديث القاسم بن أبي بزة مرسلا، أو معضلا. وروى أبو داود (٢١٣٥) من حديث عائشة، والترمذي (٣٠٤٠) من حديث ابن عباس، ما يشهد لبعض معناه، والحديث باجتماع طريقيْه جيّد قويّ. وصحح الحاكم في "المستدرك" (٢/ ٦٠، ١٨٦) حديثَ عائشة.
(٤) وفي رواية لأبي داود (٣٥٨٥): "يختصمان في مواريث وأشياء قد درست". وفي أخرى (٣٥٨٤): "في مواريث لهما لم يكن لهما بيّنة إلا دعواهما". فهذا يفسِّر معنى دروسها أي خفائها لقِدَمها وفقدان البينة. وضبط "درست" في ت بالبناء للمجهول، وهو جائز. وفي النسخ المطبوعة: "كانت".
(٥) ع: "كان بينهما الإرث".
(٦) سبق تخريجه قريبًا.
(٧) في سورة الحجرات (٩).