للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخرون: بنصيبهم من الدنيا (١).

وحقيقة الأمر (٢) أن الخلاق هو النصيب والحظ، كأنه الذي خُلِق للإنسان وقُدِّر له، كما يقال: قِسْمُه الذي قُسِم له، ونصيبه الذي نُصِب له أي أُثبِت، وقِطُّه الذي قُطَّ له، أي قُطِع. ومنه قوله تعالى: {وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} [البقرة: ٢٠٠] وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنما يلبس الحريرَ في الدنيا مَن لا خلاق له في الآخرة" (٣).

والآية تتناول ما ذكره السلف كلَّه، فإنه سبحانه قال: {كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً} [التوبة: ٦٩]. فبتلك القوة التي كانت فيهم كانوا يستطيعون أن يعملوا للدنيا والآخرة، وكذلك الأموال والأولاد. وتلك القوة والأموال والأولاد هي الخلاق، فاستمتعوا بقوتهم وأموالهم وأولادهم في الدنيا. ونفسُ الأعمال التي عملوها بهذه القوة من الخَلاق الذي استمتعوا به، ولو أرادوا بذلك الله والدار الآخرة لكان لهم خلاقٌ في الآخرة. فتمتُّعُهم بها أخذُ حظوظهم العاجلة، وهذا حال من لم يعمل إلا لدنياه، سواء كان عمله من جنس العبادات أو غيرها.


(١) رواه ابن أبي حاتم في "التفسير" (١٠٥٠٥) من قول إسماعيل السدي، وهو قول مقاتل بن سليمان في كتابه"التفسير" (٢/ ١٨٠).
(٢) في "الاقتضاء" (١/ ١١٧): "قال أهل اللغة". والنقل متصل بما سبق.
(٣) أخرجه البخاري (٨٨٦) ومسلم (٢٠٦٨) من حديث ابن عمر.