للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولهذا كان السلف يقولون: احذروا من الناس صنفين: صاحبَ هوًى فتَنَه هواه، وصاحبَ دنيا أعجبته (١) دنياه.

وكانوا يقولون: احذروا فتنةَ العالم الفاجر، والعابد الجاهل؛ فإنَّ فتنتهما فتنةٌ لكلِّ مفتون (٢).

فهذا يشبه المغضوب عليهم الذين يعلمون الحقَّ ويعملون بخلافه، وهذا يشبه الضالِّين الذين يعملون بغير علم.

وفي صفة الإمام أحمد: رحمه الله (٣)، عن الدنيا ما كان أصبره! وبالماضين ما كان أشبهه! أتته البدع فنفاها، والدنيا فأباها (٤).


(١) كذا في النسخ الخطية والمطبوعة. وفي "الاقتضاء" و"الإغاثة": "أعمَتْه".
(٢) رواه ابن المبارك في "الزهد" (ص ١٨ - رواية نعيم بن حماد عنه) عن سفيان الثوري قال: يُقال: فذكره. وقد تابع نعيمًا محمدُ بن الحسن البلخي عند الآجري في "أخلاق العلماء" (ص ٨٧)، وفي كتابَيْه "فرض طلب العلم" (٣٠)، و"مسألة الطائفين" (٤)، وتابعه أيضًا محمدُ بن مقاتل عند البيهقي في "المدخل" (٥٤٤)، لكن جعله من كلام الثوري. ويُوازَن بما في "جامع بيان العلم" لابن عبد البر (١١٦١). ورواه عبد الله ابن الإمام أحمد في "العلل ومعرفة الرجال" (٤٥٠١) عن أبيه، عن أبي أحمد الزبيري، عن سفيان به. ورواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٦/ ٣٧٦) ضمن رسالة الثوري إلى عباد بن عباد.
(٣) "رحمه الله" جزء من قول أبي عمير الرملي، لا من قول المصنف كما في النسخ المطبوعة. والسياق في "الاقتضاء": "ووصف بعضهم أحمد بن حنبل، فقال: رحمه الله ... ". وقد غيَّر المصنف السياق للاختصار. والسياق في "الفوائد المنتخبة": " ... سمعت أبا عمير ... وذُكر عنده أحمد بن حنبل - رحمه الله -، فقال: "رحمه الله، ... أشبهه. وبالصالحين ما كان ألحقه! عرضت له الدنيا فأباها، والبدع فنفاها".
(٤) رواه أبو إسحاق المزكي في "الفوائد المنتخبة" (١٦٩) ــ ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ مدينة دمشق" (٥/ ٢٩١، ٥١/ ٢١٩) و ابن الجوزي في "مناقب الإمام أحمد" (ص ١٧٥) ــ من قول أبي عمير ابن النحاس الرملي.