للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والبقاء (١)، يقال: أخلد فلان [٩٨/ب] بالمكان، إذا أقام به. قال مالك بن نويرة (٢):

بأبناء حيٍّ من قبائل مالكٍ ... وعمرو بن يربوعٍ أقاموا فأخلَدوا

قلت: ومنه قوله تعالى: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ} [الواقعة: ١٧] أي قد خلقوا للبقاء، لذلك لا يتغيَّرون ولا يكبَرون، وهم على سنٍّ واحد أبدًا. وقيل: هم المقرَّطون في آذانهم، والمسوَّرون في أيديهم. وأصحاب هذا القول فسَّروا اللفظة ببعض لوازمها (٣)، وذلك أمارة التخليد (٤) على ذلك السنِّ، فلا تنافي بين القولين.


(١) في تفسيري الثعلبي والبغوي: "المقام".
(٢) من قصيدته في "الأصمعيات" (ص ١٩٣) قالها في يوم مخطَّط. وهو من شواهد الطبري والثعلبي والواحدي في "البسيط" (٩/ ٤٦٧).
(٣) يعني أن معنى التقريط والتسوير ليس من معاني مادة (خلد)، ولكن ذلك من لوازم كونهم مخلَّدين على ذلك السنِّ وعلاماته، ومن ثم فسَّره بعضهم بذلك. وفيه نظر، فإن معنى التقريط عندهم مأخوذ من كلمة الخَلَدة بمعنى القرط. قال أبو عمرو: "خلَّد جاريتَه إذا حلَّاها بالخَلَد، وهي القِرَطة". انظر: "تهذيب اللغة" (٧/ ٢٧٩). وفي "تفسير الطبري" (٢٣/ ٥٦٥ - هجر): وقيل: إن معنى قوله (مخلَّدون): مسوَّرون بلغة حمير، وينشد لبعض شعرائهم:
ومخلَّداتٍ باللُّجَين كأنما ... أعجازُهنَّ أقاوِزُ الكُثبانِ
وانظر: "معاني الفراء" (٣/ ٢١٨) و"الجمهرة لابن دريد" (١/ ٥٨٠) و"الزاهر" لابن الأنباري (٢/ ٨٣).
(٤) ع: "إشارة إلى التخليد".