للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يمتنع عليها القدرةُ على أقلِّ مخلوقات الإله الحقِّ وأذلِّها، وأصغرِها وأحقرها، ولو اجتمعوا لذلك وتعاونوا عليه.

وأدلُّ من ذلك على عجزهم وانتفاء إلهيتهم أنَّ هذا الخلق الأقلَّ الأذلَّ العاجزَ الضعيفَ لو اختطف منهم شيئًا واستلبه، فاجتمعوا على أن يستنقذوه منه= لعجزوا عن ذلك، ولم يقدروا عليه (١).

ثم سوَّى بين العابد والمعبود في الضعف والعجز بقوله: {ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ}. قيل: الطالب: العابد. والمطلوب: المعبود؛ فهو عاجز متعلِّق بعاجز! وقيل: هو تسوية بين السالب والمسلوب، وهو تسوية بين الإله والذباب في الضعف والعجز. وعلى هذا فقيل: الطالب: الإله الباطل. والمطلوب: الذباب، يطلب منه ما استنقذه (٢) منه. وقيل: الطالب: الذباب. والمطلوب: الإله، فالذباب يطلب منه ما يأخذه مما عليه (٣). والصحيح: أن اللفظ يتناول الجميعَ، فضعُفَ العابدُ والمعبودُ، والمستلِب [والمستلَب] (٤). فمَن جعل هذا إلهًا مع القوي العزيز، فما قدَره حقَّ قَدْره، ولا عرَفَه حقَّ معرفته، ولا عظَّمه حقَّ تعظيمه (٥).


(١) انظر: "الكشاف" (٣/ ١٧١).
(٢) كذا في جميع النسخ الخطية. وفي النسخ المطبوعة: "استلبه"، وهو مقتضى السياق.
(٣) انظر: "زاد المسير" (٣/ ٢٥٠).
(٤) ما بين المعقوفين من النسخ المطبوعة.
(٥) وانظر في الكلام على هذا المثل: "الداء والدواء" (ص ٣٢١) و"الصواعق المرسلة": (٢/ ٤٦٦ - ٤٦٧) و (٤/ ١٣٦٣) و"مفتاح دار السعادة" (٢/ ٨٨٠).