للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للحياة وكمال النشأة، وأنَّ الطفلَ إذا خُلِّيَ وفطرتَه لم يَعدِل عن اللبن، فهو مفطور على إيثاره على ما سواه. وكذلك فطرة الإسلام [١١٣/أ] التي فَطَر الله عليها الناس (١).

ومن هذا: تأويل البقر بأهل الدين والخير الذين بهم عمارة الأرض كما أن البقر كذلك، مع عدم شرِّها، وكثرةِ خيرها، وحاجةِ الأرض وأهلها إليها. ولهذا لما رأى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بقرًا تُنْحَر (٢) كان ذلك نحرًا في أصحابه.

ومن ذلك: تأويل الزرع والحرث بالعمل، لأن العامل زارع للخير والشر، ولا بد أن يخرج له ما بذَره كما يخرج للباذر زرعُ ما بذَره. فالدنيا مزرعة، والأعمال البِذار (٣)، ويومُ القيامة يومُ طلوع الزرع (٤) وحصاده.

ومن ذلك: تأويل الخشب المقطوع المتساند بالمنافقين، والجامعُ بينهما أن المنافق لا روح فيه ولا ظل ولا ثمر، فهو بمنزلة الخشب الذي هو كذلك. ولهذا شبَّه الله تعالى المنافقين بالخُشُب المسنَّدة، لأنهم أجسام


(١) وانظر: "أحكام أهل الذمة" (٢/ ١٥٦٥).
(٢) رواه النسائي في "السنن الكبرى" (٧٦٠٠) من حديث جابر، وله شاهد عند البخاري (٣٦٢٢، ٧٠٣٥) ومسلم (٢٢٧٢) من حديث أبي موسى الأشعري، وشاهدٌ ثانٍ من حديث ابن عباس، رواه أحمد (٢٤٤٥)، وصححه الحاكم (٢/ ١٢٨ - ١٢٩)، واختاره الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (١١/ ١٤٢)، وأصله عند الترمذي (٤/ ١٣٠)، وابن ماجه (٢٨٠٨).
(٣) جمع البَذر. وهكذا في ح، ف. وفي س، ع: "البلدان"، تحريف. وفي ت: "البذر"، وكذا في الطبعات القديمة.
(٤) في النسخ المطبوعة بعده زيادة: "للباذر".