للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حقَّ قدرها. وكيف يظن بالشريعة أنها تُبيح شيئًا لحاجةِ المكلَّف إليه ومصلحته، ثم تحرِّم ما هو أحوج إليه، والمصلحة في إباحته أظهر؟ هذا (١) من أمحَل المُحال (٢).

ولذلك كان من المستحيل أن يشرع الله ورسوله من الحِيَل ما يُسقِط به ما أوجبه، أو يُبيح به ما حرَّمه، ولعَن (٣) فاعله، وآذَنه بحربه وحرب رسوله، وشدَّد فيه الوعيد، لما تضمَّنه من المفسدة في الدنيا والدين؛ ثم بعد ذلك يسوِّغ التحيُّلَ عليه (٤) بأدنى حيلة. ولو أن المريض اعتمد هذا فيما يحميه منه الطبيب ويمنعه منه لكان معينًا على نفسه، ساعيًا في ضرره، وعُدَّ سفيهًا مفرطًا.

وقد فطر الله سبحانه عباده على أن حكمَ النظير حكمُ نظيره، وحكمَ الشيء حكمُ مثله، وعلى إنكار التفريق بين المتماثلين، وعلى إنكار الجمع بين المختلفين. والعقل والميزان الذي أنزله الله سبحانه شرعًا وقدرًا يأبى ذلك.


(١) في النسخ المطبوعة: "وهذا".
(٢) الميم في "المحال" زائدة، ولكن هكذا صاغ منه الناس اسم التفضيل "أمحل" على اللفظ، فقالوا: "أمحل من الترهات"، و"أمحل من حديث خرافة". انظر: "الدرة الفاخرة" (٢/ ٣٨٩) لحمزة بن حسن الأصبهاني.
(٣) في النسخ كلها: "أمر"، وفي ت وحدها ضرب عليه في المتن وكتب في الطرة: "لعن". وجائز أن يكون ما في النسخ تحريفًا أو يكون من سبق القلم.
(٤) هكذا في س. وفي غيرها: "إليه". وفي النسخ المطبوعة: "التوصل"، ولعله تصرف من بعض الناشرين.