للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأولئك سلف أصحاب المعاني والقياس.

ولما كان عليٌّ باليمن أتاه ثلاثة نفر يختصمون في غلام، فقال كلٌّ منهم: هو ابني. فأقرع عليٌّ بينهم، فجعل الولدَ للقارع، وجعل عليه للرجلين ثلثي الدية. فبلغ ذلك (١) النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فضحك حتى بدت نواجذه من قضاء علي - رضي الله عنه - (٢).

واجتهد سعد بن معاذ في بني قريظة، وحكم فيهم باجتهاده، فصوَّبه النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال: "لقد حكمتَ فيهم بحكم الله من فوق سبع سماوات" (٣).

واجتهد الصحابيان اللذان خرجا في سفر، فحضرت الصلاة، وليس معهما ماء، فصلَّيَا. ثم وجدا الماء في الوقت، فأعاد أحدهما ولم يُعِد الآخر. فصوَّبهما، وقال للذي لم يُعِدْ: "أصبتَ السنّة، وأجزأتك صلاتك". وقال للآخر: "لك الأجر مرّتين" (٤).


(١) "ذلك" ساقط من ع، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٢) رواه أحمد (١٩٣٢٩، ١٩٣٤٢، ١٩٣٤٤)، وأبو داود (٢٢٦٩، ٢٢٧٠)، وابن ماجه (٢٣٤٨)، والنسائي (٣٤٨٨ - ٣٤٩١) من حديث زيد بن أرقم به، وفي سنده اضطراب واختلاف، ورجّح النسائي رواية مرسلة رواها هو (٣٤٩٢)، وأبو داود (٢٢٧١). وسبقه إلى هذا الترجيح أبو حاتم، كما في "العلل" لابنه عبد الرحمن (١٢٠٤، ٢٣١٧). وانظر: "العلل" للدارقطني (٣/ ١١٧ - ١١٩). وسيأتي الكلام على الحديث بشيء من التفصيل. وقد أفاض القول أيضًا في طرق الحديث ووجه إلزام القارع بثلثي الدية في: "الطرق الحكمية" (٢/ ٥٩٢، ٥٩٨، ٦١٤ - ٦١٩). وانظر: "زاد المعاد" (٥/ ٣٨٥ - ٣٨٦) و"تهذيب السنن" (١/ ٥٦١ - ٥٦٤).
(٣) أخرجه البخاري (٣٨٠٤) ومسلم (١٧٦٨) من حديث أبي سعيد الخدري. واللفظ الوارد هنا وقع في "مسند الحارث". انظر: "بغية الباحث" (٦٩٣).
(٤) رواه أبو داود (٣٣٨)، والنسائي (٤٣٣) من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا، وقال أبو داود: "وذِكْرُ أبي سعيد في هذا الحديث ليس بمحفوظ، هو مرسل". وأشار إلى ذلك النسائي حين أعقب الموصول بروايته إياه (٤٣٤) من مرسل عطاء بن يسار. وكذا صنع الدارقطني في "السنن" (٧٢٧، ٧٢٨)، والبيهقي (١/ ٢٣١). أما الحاكم، فصحّحه في "المستدرك" (١/ ١٧٨ - ١٧٩) على شرط الشيخين! مع حكايته الخلافَ في وصله وإرساله.