للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سيخرجون. قال: قلت: يا أمير المؤمنين أَبرِدْ بالصلاة، فإني أريد أن أدخل عليهم، فأسمع من كلامهم وأكلِّمهم. فقال علي: أخشى عليك منهم. قال: وكنتُ رجلًا حسَن [١٢٧/ب] الخُلق لا أوذي أحدًا. قال: فلبِستُ أحسنَ ما يكون من اليمنية (١) وترجَّلتُ (٢)، ثم دخلتُ عليهم وهم قائلون. فقالوا لي: ما هذا اللباس؟ فتلوتُ عليهم القرآن: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [الأعراف: ٣٢]، ولقد رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلبس أحسنَ ما يكون من اليمنية. فقالوا: لا بأس، فما جاء بك؟ فقلت: أتيتُكم من عند صاحبي، وهو ابن عمِّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخَتَنُه، وأصحابُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلم بالوحي منكم، وعليهم نزل القرآن، أبلِّغكم عنهم وأبلِّغهم عنكم، فما الذي نقَمتم؟ فقال بعضهم: إن قريشًا قوم خَصِمون، قال الله عز وجل: {بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} (٣) [الزخرف: ٥٨]. فقال بعضهم: كلِّموه.

فانتحى لي رجلان منهم أو ثلاثة، فقالوا: إن شئتَ تكلَّمْ (٤) وإن شئتَ تكلَّمنا. فقلت: بل تكلَّموا. فقالوا: ثلاثٌ نقَمناهن عليه: جعل الحُكمَ إلى الرجال، وقال الله: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} [الأنعام: ٥٧]. فقلتُ: قد جعل الله الحكمَ من أمره إلى الرجال في رُبع درهمٍ في الأرنب (٥)، وفي المرأة وزوجها: {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ


(١) يعني من حُلَل اليمن.
(٢) ترجَّلَ الشعرَ: رجَّله، أي سرَّحه وسوَّاه.
(٣) في س، ح، ت: "بل أنتم"، وكذا كان في ف، ثم غُيِّر.
(٤) كذا في جميع النسخ. وفي النسخ المطبوعة: "تكلمتَ"، وهو أشبه.
(٥) يعني قوله سبحانه في صيد المحرم: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: ٩٥].