للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبعدُ شيء عن الربا.

وأخرجت طائفة أخرى منه ما هو من الربا الصريح حقيقةً وقصدًا وشرعًا كالحيل الربوية التي هي أعظم مفسدة من الربا الصريح، ومفسدةُ الربا البَحْت الذي لا يتوصَّل إليه بالسلاليم أقلُّ بكثير. وأخرجت منه طائفة بيعَ الرُّطَب بالتمر، وإن كان كونه من الربا أخفى من كون الحيل الربوية منه، فإن التماثل موجود فيه في الحال دون المآل، وحقيقة الربا في الحيل الربوية أكمل وأتم منها في العقد الربوي الذي لا حيلة فيه.

ومن ذلك: لفظ البينة. قصَّرت بها طائفة، فأخرجت منه الشاهد واليمين وشهادةَ العَبيد العدول الصادقين المقبولي القول على الله ورسوله، وشهادةَ النساء منفردات في المواضع التي لا يحضرهن فيه الرجال كالأعراس والحمامات، وشهادةَ الزوج في اللَّعان إذا نكَلَت المرأة، وأيمانَ المدَّعين للدم (١) إذا ظهر اللَّوث ونحو ذلك مما يبيِّن الحقَّ أعظم من بيان الشاهدين، وشهادةَ القاذف، وشهادةَ الأعمى على ما [١٣٢/ب] يتيقنه، وشهادةَ أهل الذمة على الوصية في السفر إذا لم يكن هناك مسلم، وشهادةَ الحال في تداعي الزوجين متاعَ البيت وتداعي النجار والخياط آلتهما ونحو ذلك.

وأدخلت فيه طائفة ما ليس منه كشهادة مجهول الحال الذي لا يُعرَف بعدالة ولا فسق، وشهادةِ وجوه الآجُرِّ ومَعاقِد القُمُط (٢) ونحو ذلك.


(١) في النسخ المطبوعة: "الدم".
(٢) جمع قِماط وهو ما يُشَدُّ به من ليف أو خوص أو غيره. وضبطه الجوهري بكسر القاف وسكون الميم. انظر: "الصحاح" و"النهاية في غريب الحديث" (قمط).