للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القياس الأحكام. ثم اختلفوا، فأجراه جمهورهم في العبادات واللغات والحدود والأسباب وغيرها. ومنعه طائفة في ذلك. واستثنت طائفة الحدود والكفارات فقط. واستثنت طائفة أخرى معها الأسباب.

وكلُّ هؤلاء قسموه إلى ثلاثة أقسام: قياس أولى، وقياس مثل، وقياس أدنى. ثم اضطربوا في تقديمه على العموم أو بالعكس على قولين. واضطربوا في تقديمه على خبر الآحاد الصحيح، فجمهورهم قدَّم الخبر، وقال أبو بكر بن الفرج (١) القاضي وأبو بكر الأبهري (٢) المالكيان: هو مقدَّم على خبر الواحد. ولا يمكنهم ولا أحدًا (٣) من الفقهاء طردُ هذا القول [١٦١/أ] البتة، بل لا بدّ من تناقضهم.

واضطربوا في تقديمه على الخبر المرسل، وعلى قول الصحابي. فمنهم من قدَّم القياس، ومنهم من قدَّم المرسل وقول الصحابي، وأكثرهم ــ بل كلُّهم ــ يقدِّمون هذا تارةً، وهذا تارةً. فهذا تناقضهم في التأصيل.


(١) كذا في جميع النسخ الخطية والمطبوعة، وهو خطأ، صوابه أبو الفرج كما في «الإحكام» لابن حزم (٧/ ٥٤). وهو أبو الفرج عمرو بن محمد الليثي البغدادي صاحب كتاب «اللمع في أصول الفقه»، المتوفى سنة ٣٣٠. انظر ترجمته في «الديباج المذهب» لابن فرحون (٢/ ٩٩).
(٢) هو أبو بكر محمد بن عبد الله بن صالح، أخذ عن أبي الفرج القاضي وغيره. انتهت إليه رئاسة المالكية في وقته. توفي ببغداد سنة ٣٩٥. انظر ترجمته في «سير أعلام النبلاء» (١٦/ ٣٣٢) و «الديباج المذهب» (٢/ ١٦٢).
(٣) في النسخ الخطية والمطبوعة: «أحد» بالرفع، وهو خطأ. ويستغرب عدم تنبُّه الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد عليه.