للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن ذلك: أنكم قِستم على خبر مروي: «يا بني المطَّلب، إنَّ الله كرِه لكم غُسالةَ أيدي الناس» (١)،

فقِستم على ذلك الماء الذي يتوضأ به، وأبحتم لبني المطَّلب غُسالة أيدي الناس التي نصَّ عليها الخبر.

وقِستم الماء المستعمل في رفع الحدث ــ وهو طاهر لاقى أعضاء طاهرة ــ على الماء الذي لاقى العَذِرة والدم والمَيْتات. وهذا من أفسد القياس. وتركتم قياسًا أصحَّ منه، وهو قياسه على الماء المستعمل في محل التطهير (٢) من عضو إلى عضو ومن محل إلى محل، فأي فرق بين انتقاله من عضو المتطهر (٣) الواحد إلى عضوه الآخر (٤) وبين انتقاله إلى عضو أخيه المسلم؟ وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مثَلُ المسلمين في توادِّهم وتراحُمهم كمثل الجسد الواحد» (٥). ولا ريب عند كلِّ عاقل أن قياس جسد المسلم


(١) رواه (بنحوه) البلاذري في «أنساب الأشراف» (٤/ ٢٤ - ٢٥، ٢٩٥ - ٢٩٦)، والطبراني في «المعجم الكبير» (٦٧٧، ٦٧٨) من حديث عبد المطلب بن ربيعة مرفوعًا، وفيه يزيد بن أبي زياد، وهو ضعيف. ورواه ابن قانع في «معجم الصحابة» (٢/ ١٠٩)، لكن أحد الرواة قصّر به؛ فجعله من مسند عبد الله بن ربيعة، وفي ترجمته خرّجه ابن قانع. وله طريق أخرى واهية عند ابن أبي حاتم في «التفسير» (٩٠٩٣)، والطبراني في «المعجم الكبير» (١١٥٤٣)، وأغرب ابن كثير في «التفسير» (٤/ ٦٤) فحسّنها، وتبعه الزيلعي في «نصب الراية» (٣/ ٤٢٥)، مع أن في السند حنشًا (واسمُه حسين بن قيس) متروك.

وأصل الحديث في «صحيح مسلم» (١٠٧٢)، ليس فيه لفظ: «غسالة أيدي الناس».
(٢) ت: «التطهر».
(٣) ما عدا ع: «التطهير».
(٤) «الآخر» ساقط من ع.
(٥) أخرجه البخاري (٦٠١١) ومسلم (٢٥٨٦) من حديث النعمان بن بشير.