للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفرَّقتم بين ما شرِب منه الصقر والبازي والحِدَأة والعقاب والأحناش وسباع الطير، وما شرب منه [١٦٣/ب] سباع البهائم، من غير فرق بينهما. قال أبو يوسف: سألت أبا حنيفة عن الفرق في هذا بين سباع الطيور وسباع ذوات الأربع، فقال: أما في القياس فهما سواء، ولكني أستحسن في هذا (١).

وتركتم صريح القياس في التسوية بين نبيذ التمر والزبيب والعسل والحنطة ونبيذ العنب، وفرَّقتم بين المتماثلين، لا فرق (٢) بينهما البتة، مع أن النصوص الصحيحة الصريحة قد سوَّت بين الجميع.

وفرَّقتم بين مَن معه إناءان طاهر ونجس، فقلتم: يُريقهما ويتيمَّم، ولا يتحرَّى فيهما، ولو كان معه ثوبان كذلك تحرَّى (٣) فيهما، والوضوءُ بالماء النجس كالصلاة في الثوب النجس. ثم قلتم: فلو كان (٤) الآنية ثلاثة تحرَّى، ففرَّقتم بين الاثنين والثلاثة، وهو فرق بين متماثلين. وهذا على أصحاب الرأي، وأما أصحاب الشافعي ففرَّقوا بين الإناء الذي كلُّه بول وبين الإناء الذي نصفُه فأكثر بول، فجوَّزوا الاجتهاد بين الثاني والإناء الطاهر، دون الأول، وتركوا محض القياس في التسوية بينهما.

وقِستم القيء على البول، وقلتم: كلاهما طعام أو شراب خرج من الجوف، ولم تقيسوا الجَشوة الخبيثة على الفسوة، ولم تقولوا: كلاهما ريح


(١) انظر: «المبسوط» للسرخسي (١/ ٥٠ - ٥١) و «المحيط البرهاني» (١/ ١٢٥ - ١٢٦).
(٢) في النسخ المطبوعة: «ولا فرق»، بالواو.
(٣) في النسخ المطبوعة: «يتحرى».
(٤) كذا في النسخ الخطية، وفي النسخ المطبوعة: «كانت».