للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قيل: هذا الفرق الذي تخيلتموه، ولا يُجدي (١) شيئًا؛ فإن الطلاق هو التطليق بعينه، وإنما أثره كونها طالقًا، وهذا غير الطلاق. فهاهنا ثلاثة أمور مرتبة: التزام التطليق، وهذا غير الطلاق بلا شك. والثاني: إيقاع التطليق، وهو الطلاق بعينه الذي قال الله فيه: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: ٢٢٩]، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الطلاق لمن أخذ بالساق» (٢). الثالث (٣): صيرورة المرأة طالقًا وبينونتها. فالقائل: «إن فعلتُ كذا فعليَّ الطلاق» [١٦٧/ب] لم يُرد هذا الثالث قطعًا، فإنه ليس إليه ولا هو (٤) من فعله، وإنما هو إلى الشارع؛ والمكلَّفُ إنما يلزم ما يدخل تحت مقدرته، وهو إنشاءُ الطلاق. فلا فرق أصلًا بين هذا اللفظ وبين قوله: «فعليَّ أن أطلِّق»، فالتفريق بينهما تفريق بين متساويين، وهو عدولٌ عن محض القياس، من غير نصٍّ ولا إجماع ولا قول صاحب.

يوضِّحه أن قوله: «فالطلاق لازم لي» إنما هو فعله الذي يلزم (٥)


(١) كذا في النسخ الخطية: «ولا يجدي»، فخبر المبتدأ هو الاسم الموصول. وفي النسخ المطبوعة حذفوا الواو، لتكون الجملة الفعلية هي الخبر.
(٢) رواه ابن ماجه (٢٠٨١) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - مرفوعًا. وفي سنده ابن لهيعة، وهو ضعيف، وقد اضطرب فيه، فكان يُسنده حينًا، ويُرسله أخرى. فليُنظر: «السنن» للدارقطني (٣٩٩٢)، و «السنن الكبير» للبيهقي (٧/ ٣٦٠).
أما ما ذُكِرَ لابن لهيعة من متابعات؛ فليس يصحُّ منها شيءٌ. ويُنظر: «البدر المنير» لابن النحوي (٨/ ١٣٨ - ١٣٩)، و «التلخيص الحبير» لابن حجر (٣/ ٤٤١).
(٣) ت: «والثالث».
(٤) «هو» ساقط من ع والنسخ المطبوعة.
(٥) في النسخ المطبوعة: «يلزمه».