للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله ورسوله نصٌّ يمنعه، ولا قياس صحيح، ولا قول صاحب، ولا مصلحة معتبرة ولا مرسلة.

وفرَّقتم (١) بين ما جمع الله بينه، وجمعتم بين ما فرَّق الله بينه، فقلتم: لو اشترى عنبًا ليعصره خمرًا، أو سلاحًا ليقتل به مسلمًا، ونحو ذلك= إنَّ البيع صحيح. وهو كما لو اشتراه ليقتل به عدوَّ الله ويجاهد به في سبيله، أو اشترى عنبًا ليأكله. كلاهما سواء في الصحة. وجمعتم بين ما فرَّق الله بينه، فقلتم: لو استأجر دارًا ليتخذها كنيسةً يُعبَد فيها الصليب والنار جاز (٢)، كما لو استأجرها ليسكنها. ثم ناقضتم أعظم مناقضة فقلتم: لو استأجرها ليتخذها مسجدًا لم تصحَّ الإجارة.

وفرَّقتم بين ما جمع الله بينه، فقلتم: لو استأجر أجيرًا بطعامه وكسوته لم يجز. والله سبحانه لم يفرِّق بين ذلك وبين استئجاره بطعام مسمًّى وثياب معينة (٣). وقد كان الصحابة يؤجِّر أحدُهم نفسَه في السفر والغزو بطعام بطنه وركوبه (٤) وهم أفقه الأمة (٥).

وفرَّقتم بين ما جمع الله بينه من عقدين متساويين من كلِّ وجه، وقد صرَّح المتعاقدان فيهما بالتراضي، وعلم الله سبحانه تراضيهما والحاضرون،


(١) في النسخ: «ففرقتم»، والسياق يقتضي ما أثبت.
(٢) في النسخ المطبوعة: «جاز له».
(٣) لعله يشير إلى قصة موسى إذ تزوَّج على أن يأجر ثماني حجج.
(٤) في النسخ المطبوعة: «مركوبه».
(٥) روى مسلم (١٨٠٧/ ١٣٢) من حديث سلمة بن الأكوع أنه كان تبيعًا لطلحة بن عبيد الله في غزوة الحديبية يسوس فرسه، ويخدم طلحة، ويأكل من طعامه ...