للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجمعتم بين ما فرقت السنَّة بينه من لحوم الإبل وغيرها حيث قال: «توضؤوا من لحوم الإبل، ولا تتوضؤوا من لحوم الغنم» (١)، فقلتم: لا نتوضأ من هذا (٢) ولا من هذا. وفرَّقتم بين ما جمعت (٣) بينه، فقلتم في القيء: إن كان ملء الفم فهو حدث، وإن كان دون ذلك فليس بحدث. ولا يُعرَف في الشريعة شيء يكون كثيره حدثًا دون قليله. وأما النوم فليس بحدث، وإنما هو مظنته، فاعتُبِر ما يكون مظنة، وهو الكثير.

وفرَّقتم بين ما جمع الله بينه، فقلتم: لو فتَح على الإمام في قراءته لم تبطل صلاته، ولكن تُكرَه لأنَّ فتحَه قراءة منه، والقراءة خلف الإمام مكروهة. ثم قلتم: فلو فتَح على قارئٍ غيرِ إمامه بطلت صلاته، لأن فتحه عليه مخاطبة له، فأبطلت الصلاة. ففرَّقتم بين متماثلين، لأن الفتح إن كان مخاطبةً في حقِّ غير الإمام، فهو مخاطبة في حقِّه (٤). وإن لم يكن مخاطبةً في حقِّ الإمام، فليس مخاطبةً (٥) في حقِّ غيره. ثم ناقضتم من [١٧٦/ب] وجه آخر أعظم مناقضة، فقلتم: لما نوى الفتحَ على غير الإمام خرج عن كونه قارئًا إلى كونه مخاطِبًا بالنية. ولو نوى الربا الصريح، والتحليل


(١) سيأتي فيه حديث جابر بن سمرة الذي أخرجه مسلم (٣٦٠)، وهذا لفظ حديث ابن عمر في «سنن ابن ماجه» (٤٩٧). ونحوه لفظ حديث البراء بن عازب في «جامع الترمذي» (٨١).
(٢) في النسخ المطبوعة: «لا من هذا».
(٣) يعني السنَّة. وفي ع: «جمعت الشريعة»، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٤) يعني: «في حق الإمام»، كما في النسخ المطبوعة. ولكن في جميع النسخ الخطية ما أثبت.
(٥) ع: «بمخاطبة»، وكذا في النسخ المطبوعة.