للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأجزاء معدومة، فجاز بيعها تبعًا للموجود. فإن فرَّقوا بأن هذه أجزاء متصلة، وتلك أعيان منفصلة، فهو فرق فاسد من وجهين: أحدهما: أن هذا لا تأثير له البتة.

الثاني: أن [من] (١) الثمرة التي بدا صلاحها ما يخرج أثمارًا (٢) متعددةً كالتوت والتين، فهو كالبطيخ والباذنجان من كلِّ وجه. فالتفريق خروج عن القياس والمصلحة وإلزامٌ بما لا يُقدَر عليه إلا بأعظم كلفة ومشقة. وفيه مفسدة عظيمة يردُّها القياس، فإن اللقطة لا ضابط لها، فإنه يكون في المَقثأة الكبارُ والصغار وبين ذلك، فالمشتري يريد استقصاءها، والبائع يمنعه من أخذِ الصغار، فيقع بينهما [من] (٣) التنازع والاختلاف والتشاحن ما لا تأتي به شريعة. فأين هذه المفسدة العظيمة ــ التي هي منشأ النزاع التي مَن تأمَّلَ مقاصدَ الشريعة علِمَ قصدَ الشارع لإبطالها وإعدامها ــ إلى المفسدة اليسيرة التي في جَعلِ ما لم يوجد تبعًا لما وُجِد، لما فيه من المصلحة؟ وقد اعتبرها الشارع، ولم يأتِ عنه حرف واحد أنه نهَى عن بيع المعدوم (٤). وإنما نهى عن بيع الغَرر (٥)، والغرر شيء، وهذا شيء. ولا يسمَّى هذا البيع غررًا، لا لغةً ولا عرفًا ولا شرعًا.


(١) ما بين الحاصرتين زيادة من النسخ المطبوعة.
(٢) في جميع النسخ الخطية: «أثمامًا»، ولعله سبق قلم، والمثبت من النسخ المطبوعة.
(٣) ما بين الحاصرتين زيادة من النسخ المطبوعة.
(٤) سيأتي الكلام على بيع المعدوم، وانظر: «زاد المعاد» (٥/ ٧١٦).
(٥) انظر في بيع الغرر: «زاد المعاد» (٥/ ٧٢٥).