للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٩٤]، وقال: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: ١٢٦]. فأمَر بالمماثلة في العقوبة والقصاص، فيجب اعتبارها بحسب الإمكان، والأمثل هو المأمور به. فهذا الملطوم المضروب قد اعتُدِي عليه، فالواجب أن يفعل بالمعتدي كما [١٩١/ب] فَعَل (١). فإن لم يمكن كان الواجب ما هو الأقرب والأمثل، وسقط ما عجز عنه العبد من المساواة من كلِّ وجه. ولا ريب أنَّ لطمةً بلطمةٍ وضربةً بضربةٍ في محلِّها (٢) بالآلة التي لطمه بها أو بمثلها أقرَبُ إلى المماثلة المأمور بها حسًّا وشرعًا، من تعزيره (٣) بغير جنس اعتدائه وقدره وصفته. وهذا هو هدْيُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه الراشدين، ومحضُ القياس. وهو منصوص الإمام أحمد (٤)، ومن خالفه في ذلك من أصحابه فقد خرج عن نصِّ مذهبه وأصوله، كما خرج عن محض القياس والميزان.

قال إبراهيم بن يعقوب الجُوزجاني في كتاب «المترجَم» (٥) له: بابٌ في القصاص من اللطمة والضربة: حدثني إسماعيل بن سعيد قال: سألت أحمد بن حنبل عن القصاص من اللطمة والضربة، فقال: «عليه القود من


(١) يعني: كما فعل المعتدي. وفي النسخ المطبوعة بعده زيادة: «به».
(٢) في النسخ المطبوعة: «محلّهما».
(٣) في النسخ المطبوعة بعده زيادة: «بها».
(٤) في «تهذيب السنن» للمصنف (٣/ ١٢٩) أن الإمام أحمد نصَّ عليه في رواية الشالنجي وغيره. وانظر: «جامع المسائل» (٢/ ٢٦٠).
(٥) في النسخ المطبوعة: «كتابه المترجم»، ولا يستقيم ذلك مع قوله: «له». وقد أحال المصنف على الكتاب المذكور في «تهذيب السنن» أيضًا.