للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثنا يزيد بن هارون، أنا الجُرَيري، عن أبي نضرة، عن أبي فراس قال: خطبنا عمر، فقال: إني لم أبعث عُمَّالي عليكم (١) ليضربوا أبشاركم، ولا ليأخذوا أموالكم. ولكن إنما بعثتُهم ليبلِّغوكم دينكم وسنة نبيكم، ويقسِموا فيكم فيئكم. فمن فُعِل به غير ذلك فليرفعه إليَّ، فوالذي نفسُ عمر بيده، لَأُقِصَّنَّه منه. فقام إليه عمرو بن العاص، فقال: يا أمير المؤمنين إن كان رجلٌ من المسلمين على رعية، فأدَّب بعضَ رعيته، لَتُقِصَّنَّه (٢) منه؟ فقال عمر: أنَّى (٣) لا أُقِصُّه منه، وقد رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُقِصُّ من نفسه؟ (٤).

ثنا محمد بن كثير، عن الأوزاعي، عن ابن حرملة قال: تلاحى رجلان فقال أحدهما: ألم أخنقك حتى سلَحتَ؟ فقال: بلى، ولكن لم يكن لي عليك شهود، فاشهدوا على ما قال. ثم رفعه إلى عمر بن عبد العزيز، فأرسل في ذلك إلى سعيد بن المسيِّب، فقال: يخنُقه كما خنَقه حتى يُحدِث، أو يفتدي منه. فافتدى منه بأربعين بعيرًا. فقال ابن كثير: أحسبه ذكره عن عثمان (٥).


(١) في النسخ المطبوعة: «إليكم».
(٢) كذا في النسخ. وقد يكون الصواب: «أتُقِصَّنَّه؟».
(٣) رسمها في س، ع: «أنا»، وهو خطأ. وفي المطبوع: «ألا أقصه».
(٤) رواه أحمد (٢٨٦)، وأبو داود (٤٥٣٧) من طريقين آخرين عن الجُرَيْرِيِّ به. وروى النسائي (٤٧٧٧) الجملة الأخيرة منه فقط. قال ابن المديني: «إسنادٌ بصريٌّ حسنٌ». وقال: «لا نعلم في إسناده شيئا يُطْعَنُ فيه، وأبو فراس رجل معروف من أسلم، روى عنه أبو نضرة وأبو عمران الجوني». نقله ابن كثير في «مسند الفاروق» (٢/ ٤٣١ - ٤٣٢). وقد صححه الحاكم (٤/ ٤٣٩)، وأورده الضياء المقدسي في «الأحاديث المختارة» (١/ ٢١٨ - ٢١٩).
(٥) رواه عبد الرزاق (١٨٢٤٥) عن معمر ومحمد بن يحيى (وهو المأربي)، عن ابن حرملة به (بنحوه مختصرًا). ويُوازَن بما في «المصنف» لابن أبي شيبة (٢٨٢٢٩)، و «المحلى» لابن حزم (١٠/ ٤٥٩) من اختلافٍ في تقدير الدية. وما عند ابن أبي شيبة أصح؛ لأنه رواه عن يزيد بن هارون، عن يحيى بن سعيد الأنصاري (قاضي المدينة)، وسندُه صحيحٌ غاية.