للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لكان (١) عفوًا لا يجوز الحكمُ بتحريمه وإبطاله، فإن الحلال ما أحلَّه الله، والحرام ما حرَّمه، وما سكت عنه فهو عفو. فكلُّ شرط وعقد ومعاملة سكت عنها فإنه لا يجوز القول بتحريمها، فإنه سكت عنها رحمةً منه، من غير نسيان وإهمال، فكيف وقد صرَّحت النصوص بأنها على الإباحة فيما عدا ما حرَّمه؟

وقد أمر الله تعالى بالوفاء بالعقود والعهود كلِّها، فقال: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ} [الإسراء: ٣٤]. وقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١]. وقال: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} [المؤمنون: ٨]. وقال تعالى: {وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا} [البقرة: ١٧٧]. وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (٢) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: ٢ - ٣]. وقال: {بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [آل عمران: ٧٦]. وقال: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ} [الأنفال: ٥٨]. وهذا كثير في القرآن.

وفي «صحيح مسلم» (٢) من حديث الأعمش، عن عبد الله بن مُرَّة، عن مسروق، عن عبد الله بن عمرو [٢٠٩/أ] قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أربعٌ مَن كنَّ فيه كان منافقًا خالصًا. ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدَعَها: إذا حدَّث كذَب، وإذا عاهد غدَر، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجَر».


(١) ع: «لكان ذلك»، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٢) برقم (٥٨). وأخرجه البخاري أيضًا برقم (٣٤، ٢٤٥٩، ٣١٧٨).