للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مانعي الزكاة حتى بيَّنه (١) له الصديق، فأقرَّ به (٢).

وفهم قدامة بن مظعون من قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} (٣) [المائدة: ٩٣] رفعَ الجناح عن الخمر، حتى بيَّن له عمر أنه لا يتناول الخمر (٤). ولو تأمَّل سياقَ الآية لَفهِم المراد منها، فإنه إنما رفع الجناح عنهم فيما طعِموه مُتَّقين له فيه. وذلك إنما يكون باجتناب ما حرَّمه من المطاعم، فالآية لا تتناول المحرَّم بوجه ما.

وقد فهم مَن فهِم (٥) من قوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: ١٩٥] انغماس الرجل في العدو، حتى بيَّن له أبو أيوب الأنصاري أن هذا ليس من الإلقاء بيده إلى التهلكة، بل هو من بيع الرجل نفسه ابتغاء مرضات الله، وأن الإلقاء بيده إلى التهلكة هو تركُ الجهاد (٦) والإقبالُ على الدنيا وعمارتها (٧).


(١) في النسخ المطبوعة: «بيَّن».
(٢) انظر حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، رواه البخاري (١٣٩٩، ١٤٠٠) ومسلم (٢٠).
(٣) في النسخ المطبوعة زيادة: «إذا ما اتقوا وآمنوا».
(٤) رواه النسائي في «السنن الكبرى» (٥٢٧٠) من حديث ابن عباس - رضي الله عنه -. وله شاهد من رواية عبد الله بن عامر بن ربيعة، رواه عبد الرزاق (١٧٠٧٦) ــ ومن طريقه البيهقي (٨/ ٣١٥) ــ، وعمر بن شبة في «أخبار المدينة» (٣/ ٨٤٢ - ٨٤٤). وطرفُه الأولُ عند البخاري في «الصحيح» (٤٠١١)، لكنه اختصره، ولم يَسُقْ محلّ الشاهد، ويَحْسُنُ تدبُّرُ صنيعِه في «التاريخ الأوسط» (١/ ٣٨٨).
(٥) «مَن فهِم» ساقط من النسخ المطبوعة.
(٦) في المطبوع أخّر «ترك الجهاد» على «وعمارتها». وانظر: «زاد المعاد» (٣/ ٧٩).
(٧) رواه أبو داود (٢٥١٢)، والترمذي (٢٩٧٢) ــ وصحّحه ــ، والنسائي في «السنن الكبرى» (١٠٩٦١، ١٠٩٦٢) من طريق أسلم أبي عمران، عن أبي أيوب - رضي الله عنه -.
وصححه أيضًا ابن حبان (٤٢٧٨)، والحاكم (٢/ ٨٤ - ٨٥، ٢٧٥).