للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأعمال الصالحة. فأمر رسوله بالاستغفار عقيب توفيته ما عليه من تبليغ الرسالة والجهاد في سبيله حين دخل الناس في دينه أفواجًا. فكأن التبليغ عبادة قد أكملها وأدَّاها، فشَرع له الاستغفار عقيبَها (١).

والمقصود: تفاوت الناس في مراتب الفهم في النصوص، وأن منهم من يفهم من الآية حكمًا أو حكمَين، ومنهم من يفهم منها عشرة أحكام أو أكثر من ذلك، ومنهم من يقتصر في الفهم على مجرَّد اللفظ، دون سياقه ودون إيمائه وتنبيهه (٢) وإشارته واعتباره.

وأخَصُّ من هذا وألطَف ضمُّه إلى نصٍّ آخر متعَلِّق به، فيفهم من اقترانه به قدرًا زائدًا على ذلك اللفظ بمفرده. وهذا باب عجيب من فهم القرآن لا يتنبَّه (٣) له إلا النادر من أهل العلم، فإن الذهن قد لا يشعر بارتباط هذا بهذا وتعلُّقِه به.

وهذا كما فهم ابن عباس من قوله: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: ١٥]، مع قوله: {وَالْوَالِدَاتُ [٢١٥/ب] يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [البقرة: ٢٣٣] أن المرأة قد تلد لستة أشهر (٤).

وكما فهم الصدِّيق من آية الفرائض في أول السورة وآخرها أن الكلالة


(١) وانظر: «مدارج السالكين» (١/ ١٩٢ - ١٩٣) و (٣/ ٤٠٢ - ٤٠٤).
(٢) ع: «وإشارته وتنبيهه»، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٣) ع: «ينتبه»، وكذا في المطبوع.
(٤) سبق تخريجه قريبًا.