للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بقي (١) الأختان والأخوان، فهذا مما تنازع فيه الصحابة، فجمهورهم أدخلوا الاثنين في لفظ الإخوة، وأبى ذلك ابن عباس (٢). ونظره أقرب إلى ظاهر اللفظ. ونظر الصحابة أقرب إلى المعنى وأولى به، فإن الإخوة إنما حجبوها إلى السدس لزيادة ميراثهم على ميراث الواحد، ولهذا لو كانت واحدةً أو أخًا واحدًا لكان لها الثلث معه. فإذا كان الإخوة ولد أمٍّ كان فرضهم الثلث، اثنين كانا أو مائة؛ فالاثنان والجماعة (٣) سواء. وكذلك لو كنَّ أخواتٍ لأب أو لأب وأمٍّ، ففرضُ الثنتين وما زاد واحد. فحجبُها عن الثلث إلى السدس باثنين كحجبها بثلاثة سواء، لا فرق بينهما البتة. وهذا الفهم في غاية اللطف، وهو من أدقِّ فهم القرآن. ثم طردُ ذلك في الذكور من ولد الأب والأبوين لمعنًى يقتضيه، وهو توفير السدس الذي حجبت عنه لهم لزيادتهم على الواحد نظرًا لهم (٤) ورعايةً لجانبهم.

وأيضًا فإن قاعدة الفرائض أنَّ كلَّ حكمٍ اختصَّ به الجماعة عن الواحد اشترك فيه الاثنان وما فوقهما كولد الأم والبنات وبنات الابن والأخوات للأبوين أو للأب. والحجب هاهنا قد اختصَّ به الجماعة، فيستوي فيه الاثنان وما زاد عليهما. وهذا هو القياس الصحيح والميزان الموافق لدلالة


(١) أثبت في ع: «أما» مع علامة «ظ» فوقها، وكتب في الحاشية: «في الأصل: بقي».
(٢) رواه ابن جرير في «جامع البيان» (٦/ ٤٦٥)، وابن المنذر في «الأوسط» (٧/ ٣٩٢)، والحاكم (٤/ ٣٣٥)، وابن حزم في «المحلى» (٩/ ٢٥٨)، والبيهقي (٦/ ٢٢٧)، ولا يصح، وآفتُه شعبة مولى ابن عباس، وهو ضعيف. ويُنظر: «تفسير القرآن العظيم» لابن كثير (٢/ ٢٢٨)، و «تحفة الطالب» له (ص ٣٥٢ - ٣٥٣).
(٣) في النسخ المطبوعات زيادة: «في ذلك».
(٤) ع: «إليهم».