للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التعدُّد (١)، كقوله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} [آل عمران: ١٧٣]. وقد يعنى به العدد من غير قصد لعدد معيَّن، بل لجنس التعدُّد. وقد يعنى به الاثنان وما زاد. والثالث يتناول الثلاثة فما زاد عند إطلاقه، وإذا قُيِّد اختصَّ بما قُيِّد به.

ومما يدل على أن قوله [٢١٩/ب] تعالى: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} أن المراد به الاثنان فصاعدًا: أنه سبحانه قال: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: ١٢]. فقوله: {كَانُوا} ضمير جمع. ثم قال: {فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} فذكَّرهم بصيغة الجمع المضمر وهو قوله: {فَهُمْ}، والمظهر وهو قوله: {شُرَكَاءُ}. ولم يذكر قبل ذلك إلا قوله: {وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ}. فذكر حكمَ الواحد، وحكمَ اجتماعه مع غيره، وهو يتناول الاثنين قطعًا، فإن قوله: {أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ} أي أكثر من أخ أو أخت. ولم يُرد أكثر من مجموع الأخ والأخت (٢)، بل أكثر من الواحد. فدلَّ على أن صيغة الجمع في الفرائض تتناول العدد الزائد على الواحد مطلقًا، ثلاثة كان أو أكثر منه. وهذا نظير قوله: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: ١٧٦].

ومما يوضِّح ذلك أن لفظ الجمع قد يختصُّ بالاثنين مع البيان وعدم اللَّبْس، كالجمع المضاف إلى اثنين مما يكون المضاف فيه جزءً من


(١) ما عدا ع: «تعدد».
(٢) ع: «الأخت والأخ».