للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا مما فهمه الصحابة - رضي الله عنهم - من النصوص بالاعتبار الذي هو في معنى الأصل، أو بالاعتبار الأولى، أو بالاعتبار الذي فيه إلحاق الفرع بأشبه الأصلين به، أو تنبيه اللفظ وإشارته (١) وفحواه، أو بدلالة التركيب، وهي ضمُّ نصٍّ إلى نصٍّ آخر، وهي غير دلالة الاقتران، بل هي ألطف منها وأدقُّ وأصحُّ كما تقدَّم.

فالقياس المحض والميزان الصحيح: أن الأم مع الأب كالبنت مع الابن، والأخت مع الأخ؛ لأنهما ذكر وأنثى من جنس واحد. وقد أعطى الله سبحانه الزوج ضعف [٢٢١/أ] ما أعطى الزوجة تفضيلًا لجانب الذكورية، وإنما عدل عن هذا في ولد الأم، لأنهم يُدْلون بالرَّحِم المجرَّد ويُدْلون بغيرهم وهو الأم، وليس لهم تعصيب بحال، بخلاف الزوجين والأبوين والأولاد، فإنهم يُدْلون بأنفسهم، وسائر العصبة يُدْلون بذكر كولد البنين وكالإخوة للأبوين أو للأب، فإعطاء الذكر مثلَ حظِّ الأنثيين معتبر فيمن يُدلي بنفسه أو بعصبة. وأما من يدلي بالأمومة كولد الأم فإنه لا يفضَّل ذكرُهم على أنثاهم. وكان الذكر كالأنثى في الأخذ، وليس الذكر كالأنثى في باب الزوجية ولا في باب الأبوة ولا البنوة ولا الأخوة. فهذا هو الاعتبار الصحيح، والكتاب يدل عليه كما تقدَّم بيانه.

وقد تناظر ابن عباس وزيد بن ثابت في العُمَريتين (٢)، فقال له ابن


(١) في النسخ المطبوعة: «أو إشارته».
(٢) رواه عبد الرزاق (١٩٠٢٠) ــ ومن طريقه ابن المنذر في «الأوسط» (٧/ ٣٩٦) ــ، وابن أبي شيبة (٣١٧١٠)، والبيهقي (٦/ ٢٢٨).