للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} [النساء: ١٧٦]. وهذا دليل على أن الأخت ترث النصف مع عدم الولد، وأنه هو يرث المال كلَّه مع عدم ولدها. وذلك يقتضي أن الأخت مع الولد لا يكون لها النصف مما ترك، إذ لو كان كذلك لكان قوله: {لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ} زيادةً في اللفظ، ونقصًا في المعنى، وإيهامًا لغير المراد؛ فدلَّ على أنها مع الولد لا ترث النصف، والولد إما ذكر وإما أنثى، فأما الذكر فإنه يُسقِطها كما يُسقِط الأخ بطريق الأولى.

ودلَّ قوله: {وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} على أن الولد يُسقِطه كما يُسقطها. وأما الأنثى فقد دلَّ القرآن على أنها إنما تأخذ النصف، ولا تمنع (١) الأخ عن النصف الباقي إذا كان (٢) بنت وأخ. بل دلَّ القرآن مع السنة والإجماع أن الأخ يفوز بالنصف الباقي، كما قال تعالى: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ [٢٢٢/ب] ... وَالْأَقْرَبُونَ} [النساء: ٣٣]. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ألحِقُوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجلٍ ذكرٍ» (٣). وليس في القرآن ما ينفي ميراث الأخت مع إناث الولد بغير جهة الفرض، وإنما صريحُه ينفي أن يكون فرضها النصف مع الولد. فبقي هاهنا ثلاثة أقسام: إما أن يُفرَض لها أقلُّ من النصف، وإما أن تُحرَم بالكلية، وإما أن تكون عصَبة. والأول محال، إذ ليس للأخت فرض مقدَّر غير النصف، فلو فرضنا لها أقلَّ منه لكان ذلك


(١) ح، ف: «فلا تمنع».
(٢) ت: «كانت»، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٣) سبق تخريجه.