للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يوضِّحه الوجه الثالث (١): أن نسبة الإخوة إلى الجد كنسبة الأعمام إلى أبي الجد، فإن الأخ ابن الأب، والعم ابن الجد. فإذا خلَّف عمَّه وأبا جده فهو كما لو خلَّف أخاه وجدَّه سواء. وقد أجمع المسلمون على تقديم أبي الجد على العم، فكذلك يجب تقديم الجد على الأخ، وهذا من أبيَن القياس. وإن لم يكن هذا قياسًا جليًّا، فليس في الدنيا قياس جلي!

يوضِّحه الوجه الرابع: وهو أن نسبة ابن الأخ إلى الأخ كنسبة أبي الجد إلى الجد. فإذا قال الأخ: أنا أرث مع الجدِّ، لأني ابن أبي الميت، والجد أبو أبيه، فكلانا في القرب إليه سواء= صاح ابنُ الأخ مع أبي الجد، وقال: أنا ابنُ ابنِ أبي الميت، فكيف حرمتموني مع أبي أبي أبيه، ودرجتنا واحدة؟ وكيف سمعتم قول أبي مع الجد، ولم تسمعوا قولي مع أبي الجد؟

فإن قيل: أبو الجدِّ جدٌّ وإن علا، وليس ابنُ الأخ [٢٢٩/أ] أخًا.

قيل: فهذا حجة عليكم؛ لأنه إذا كان أبو الأب أبًا، وأبو الجدِّ جدًّا، فما للإخوة ميراث مع الأب بحال.

فإن قلتم: نحن نجعل أبا الجدِّ جدًّا، ولا نجعل أبا الأب أبًا.

قيل: هكذا فعلتم، وفرَّقتم بين المتماثلين، وتناقضتم أبين تناقض، وجعلتموه أبًا في موضع، وأخرجتموه عن الأبوة في موضع.

يوضِّحه الوجه الخامس: وهو أن نسبة الجدِّ إلى الأب في العمود الأعلى كنسبة ابن الابن إلى الابن في العمود الأسفل. فهذا أبو أبيه، وهذا ابن ابنه. فهذا يُدلي إلى الميت بأبي الميت، وهذا يدلي إليه بابنه. فكما كان


(١) زيد بعده في النسخ المطبوعة: «وهو».