للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفطر بها محض القياس. وهذا إنما يتبيَّن [٢٤٣/ب] بذكر قاعدة، وهي: أن الشارع الحكيم شرع الصوم على أكمل الوجوه وأقومها بالعدل، وأمر فيه بغاية الاعتدال؛ حتى نهى عن الوصال، وأمر بتعجيل الفطر، وتأخير السحور (١)،

وجعل أعدل الصيام وأفضله صيام داود (٢). فكان من تمام الاعتدال في الصوم أن لا يُدخِل الإنسان ما به قوامه كالطعام والشراب، ولا يُخرِج ما به قوامه كالقيء والاستمناء. وفرَّق بين ما يمكن الاحتراز منه من ذلك وما لا يمكن، فلم يفطر بالاحتلام ولا بالقيء الذارع، كما لا يفطر بغبار الطحين وما يسبق من الماء إلى الجوف عند الوضوء والغسل. وجعل الحيض منافيًا للصوم دون الجنابة، لطول زمنه (٣)، وكثرة خروج الدم، وعدم التمكُّن من التطهير قبل وقته بخلاف الجنابة. وفرَّق بين دم الحجامة ودم الجرح، فجعل الحجامةَ من جنس القيء والاستمناء والحيض، وخروجَ الدم من الجرح والرعاف من جنس الاستحاضة والاحتلام وذرع


(١) رواه أبو يعلى في «المسند الكبير» [كما في «المطالب العالية» لابن حجر (١٠٢٤)] من حديث عائشة مرفوعا. وهو منكر جدًّا، تفرّد به طيب بن سليمان (الضعيف) عن (عَمْرةَ) دُونَ الحفاظ الأكابر من الآخذين عنها.

وروى ابن أبي خيثمة في «التاريخ» (٣٥٠٤ - السِّفر الثاني)، والطبراني (٢٥/ ١٦٣) من حديث أم حكيم بنت وداع مرفوعا: «عَجِّلُوا الإفطار، وأخِّرُوا السحور». وفي سندِه ثلاثُ نسوةٍ مجهولاتٌ على نَسَقٍ. ورواه ابن عدي (٨/ ٢٧) من حديث أنس مرفوعا بنحوه، وفي سنده مبارك بن سُحيم، وهو متروك. وروى أحمد (٢١٣١٢، ٢١٥٠٧) من حديث أبي ذر مرفوعا: «لا تزال أمّتي بخير؛ ما عجّلوا الإفطار، وأخّروا السحور». وفي سنده ضعفٌ وجهالة.
(٢) أخرجه البخاري (١١٣١) ومسلم (١١٥٩) من حديث عبد الله بن عمرو.
(٣) في النسخ المطبوعة: «زمانه».