للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والغالب فيه السلامة، فليس العقد عليه مخاطرةً ولا قمارًا. وإن كان فيه مخاطرة يسيرة، فالحاجة داعية إليه. ومن أصول الشريعة أنه إذا تعارضت المصلحة والمفسدة قُدِّم أرجحُهما. والغرر إنما نهي عنه لما فيه من الضرر بهما أو بأحدهما، وفي المنع مما يحتاجون إليه من البيع ضرر أعظم من ضرر المخاطرة، فلا يزيل (١) أدنى الضررين بأعلاهما.

بل قاعدة الشريعة ضد ذلك، وهو دفع أعلى الضررين باحتمال أدناهما. ولهذا لما نهاهم عن المزابنة لما فيها من ربا أو مخاطرة أباحها لهم في العرايا للحاجة، لأن ضرر المنع من ذلك أشدُّ من ضرر المزابنة. ولمَّا حرَّم عليهم الميتة لما فيها من خبث التغذية أباحها لهم [٢٤٩/أ] للضرورة. ولما حَرَّم عليهم النظر إلى الأجنبية أباح منه ما تدعو إليه الحاجة (٢) للخاطب والمعامل والشاهد والطبيب.

فإن قلت: فهذا كلُّه على خلاف القياس.

قيل: إن أردت أن الفرع اختصَّ بوصف أوجبَ (٣) الفرق بينه وبين الأصل، فكلُّ حكم استند إلى هذا الفرق الصحيح فهو على (٤) خلاف القياس الفاسد. وإن أردت أن الأصل والفرع استويا في المقتضي والمانع واختلف حكمهما فهذا باطل قطعًا، ليس في الشريعة منه مسألة واحدة. والشيء إذا شابه غيرَه في وصفٍ وفارقه في وصفٍ كان اختلافهما في


(١) يعني: الشرع.
(٢) ت، ع: «الحاجة إليه».
(٣) ع: «يعجب».
(٤) لم يرد «على» في ح، ف.